معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

قوله تعالى : { متكئين على سرر مصفوفة } موضوعة بعضها إلى جنب بعض . { وزوجناهم بحور عين* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

{ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ } الاتكاء : هو الجلوس على وجه التمكن والراحة والاستقرار ، والسرر : هي الأرائك المزينة بأنواع الزينة من اللباس الفاخر والفرش الزاهية .

ووصف الله السرر بأنها مصفوفة ، ليدل ذلك على كثرتها ، وحسن تنظيمها ، واجتماع أهلها وسرورهم ، بحسن معاشرتهم ، ولطف كلام بعضهم لبعض{[876]}  فلما اجتمع لهم من نعيم القلب والروح والبدن ما لا يخطر بالبال ، ولا يدور في الخيال ، من المآكل والمشارب [ اللذيذة ] ، والمجالس الحسنة الأنيقة ، لم يبق إلا التمتع بالنساء اللاتي لا يتم سرور بدونهن{[877]}  فذكر الله أن لهم من الأزواج أكمل النساء أوصافا وخلقا وأخلاقا ، ولهذا قال : { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } وهن النساء اللواتي قد جمعن من جمال الصورة الظاهرة وبهاءها ، ومن الأخلاق الفاضلة ، ما يوجب أن يحيرن بحسنهن الناظرين ، ويسلبن عقول العالمين ، وتكاد الأفئدة أن تطيش{[878]}  شوقا إليهن ، ورغبة في وصالهن ، والعين : حسان الأعين مليحاتها ، التي صفا بياضها وسوادها .


[876]:- في ب: وملاطفة بعضهم بعضا.
[877]:- في ب: إلا بهن.
[878]:- في ب: تطير.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

( متكئين على سرر مصفوفة ) . . منسقة يجدون فيها لذة التجمع بإخوانهم في هذا النعيم : ( وزوجناهم بحور

عين ) . . وهذه تمثل أمتع ما يجول في خواطر البشر من متاع جميل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

وقوله : { مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ } قال الثوري ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : السرر في الحجال .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا صفوان بن عمرو ؛ أنه سمع الهيثم بن مالك الطائي يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله ، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه " .

وحدثنا أبي ، حدثنا هُدْبَة بن خالد ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة ، عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم ، فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك ، فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا .

ومعنى { مصفوفة } أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، كقوله : { عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } [ الصافات : 44 ] . { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } أي : وجعلناهم قرينات صالحات ، وزوجات حسانا من الحور العين .

وقال مجاهد : { وزوجناهم } : أنكحناهم بحور عين ، وقد تقدم وصفهن في غير موضع بما أغنى عن إعادته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

وقوله : مُتّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ قد جعلت صفوفا ، وترك قوله : على نمارق ، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه .

وقوله : وَزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يقول تعالى ذكره : وزوّجنا الذكور من هؤلاء المتقين أزواجا بحور عين من النساء ، يقول الرجل : زوّج هذا الخلف الفرد أو النعل الفرد بهذا الفرد ، بمعنى : اجعلهما زوجا . وقد بيّنا معنى الزوج فيما مضى بما أغنى عن إعادته ها هنا ، والحُور : جمع حَوْراء ، وهي الشديدة بياض مقلة العين في شدّة سواد الحدقة .

وقد ذكرت اختلاف أهل التأويل في ذلك ، وبيّنت الصواب فيه عندنا بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع ، والعِين : جمع عَيْناء ، وهي العظيمة العَيْن في حُسن وسعة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

{ متكئين على سرر مصفوفة } مصطفة { وزوجناهم بحور عين } الباء لما في التزويج من معنى الوصل والإلصاق ، أو للسببية إذ المعنى صيرناهم أزواجا بسببهن ، أو لما في التزويج من معنى الإلصاق والقرن ولذلك عطف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

حال من ضمير { كلوا واشربوا } [ الطور : 19 ] ، أي يقال لهم كلوا واشربوا حال كونهم متكئين ، أي وهم في حال إكلة أهل الترف المعهود في الدنيا ، فقد كان أهل الرفاهية يأكلون متكئين وقد وصف القرآن ذلك في سورة يوسف ( 31 ) بقوله : { أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئاً وءاتت كل واحدة منهن سكيناً } أي لَحز الطعام والثمار . وفي الحديث « أمَّا أنا فلا آكل متكئاً » وكان الأكاسرة ومرازبة الفُرس يأكلون متكئين وكذلك كان أَباطرة الرومان وكذلك شأنهم في شُرب الخمر ، قال الأعشى :

نَازَعْتهُم قُضب الريحان متكئاً *** وخمرةً مُزة رَاوُوقها خضل

والسَّرر : جمع سرير ، وهو ما يُضطجع عليه .

والمصفوفة : المتقابلة ، والمعنى : أنهم يأكلون متكئين مجتمعين للتأنس كقوله تعالى : { على سرر متقابلين } [ الصافات : 44 ] .

وجملة { وزوجناهم } عطف على { متكئين } فهي في موضع الحال .

ومعنى { زوجناهم } : جعلنا كل فرد منهم زوجاً ، أي غير مفرد ، أي قرنَّاهم بنساء حُور عيننٍ . والباء للمصاحبة ، أي جعلنا حُوراً عِيناً معهم ، ولم يُعد فعل { زوجناهم } إلى { حور } بنفسه على المفعولية كما في قوله تعالى : { زوجناكها } [ الأحزاب : 37 ] ، لأن ( زوجنا ) في هذه الآية ليس بمعنى : أنكحناهم ، إذ ليس المراد عقد النكاح لنُبوّ المراد عن هذا المعنى ، فالتزويج هنا وارد بمعناه الحقيقي في اللغة وهو جعل الشيء المفرد زوجاً وَليس وارداً بمعناه المنقول عنه في العرف والشرع ، وليس الباء لتعدية فعل { زوجناهم } بتضمينه معنى : قرنَّا ، ولا هو على لغة أزد شنوة فإنه لم يسمع في فصيح الكلام : تزوج بامرأة .

وحور : صفة لنساء المؤمنين في الجنة ، وهنّ النساء اللاتي كنّ أزواجاً لهم في الدنيا إن كنّ مؤمنات ومن يخلقهن الله في الجنة لنعمة الجنة وحكم نساء المؤمنين اللاتي هن مؤمنات ولم يكن في العمل الصالح مثل أزواجهن في لحاقهن بأزواجهن في الدرجات في الجنة تقدم عند قوله تعالى : { ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون } في سورة الزخرف ( 70 ) وما يقال فيهن يقال في الرجال من أزواج النساء الصالحات .

و{ عين } صفة ثانية ، وحقها أن تعطف ولكن كثر ترك العطف .