السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

ثم نبه على أنهم مع هذا النعيم مخدومون بقوله تعالى { متكئين } أي : مستندين استناد راحة لأنهم يخدمون فلا حاجة لهم إلى الحركة { على سرر مصفوفة } أي : منصوبة واحداً إلى جنب واحد مستوية كأنها الستور على أحسن نظام وأبدعه .

ثم نبه على تمام سرورهم بالتمتع بالنساء بقوله تعالى { وزوجناهم } أي : تزويجاً يليق بما لنا من العظمة أي صيرناهم ممتعين { بحور } أي : نساؤهنّ في شدّة بياض العين وسوادها واستدارة حدقتها ورقة جفونها في غاية حسن لا توصف { عين } أي : واسعات الأعين في رونق وحسن .

تنبيه : اعلم أنه تعالى بين أسباب التنعم على الترتيب فأوّل ما يكون المسكن وهو الجنان ، ثم الأكل والشرب ثم الفرش والبسط ثم الأزواج فهذه أمور أربعة ذكرها الله تعالى على الترتيب ، وذكر في كل واحد منها ما يدل على كماله فقوله : { جنات } إشارة إلى المسكن وقال { فاكهين } إشارة إلى عدم التنغيص وعلوّ المرتبة لكونه مما آتاهم الله . وقال : { كلوا واشربوا هنيئاً } أي مأمون العاقبة وترك ذكر المأكول والمشروب دلالة على تنويعهما وكثرتهما . وقوله تعالى { بما كنتم تعملون } إشارة إلى أنه تعالى يقول : إني مع كوني ربكم وخالقكم وأدخلتكم الجنة بفضلي فلا منة لي عليكم اليوم وإنما منتي عليكم كانت في الدنيا هديتكم ووفقتكم للأعمال الصالحة كما قال تعالى { بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان } [ الحجرات : 17 ] وأمّا اليوم فلا منة عليكم لأنّ هذا إنجاز الوعد .