معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

قوله تعالى : { وإن للذين ظلموا } كفروا ، { عذاباً دون ذلك } أي : عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة . قال ابن عباس : يعني القتل يوم بدر ، وقال مجاهد : هو الجوع والقحط سبع سنين . وقال البراء بن عازب : عذاب القبر . { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن العذاب نازل بهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

{ 47-49 } { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ }

لما ذكر [ الله ] عذاب الظالمين في القيامة ، أخبر أن لهم عذابا دون عذاب يوم القيامة{[889]}  وذلك شامل لعذاب الدنيا ، بالقتل والسبي والإخراج من الديار ، ولعذاب البرزخ والقبر ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } أي : فلذلك أقاموا على ما يوجب العذاب ، وشدة العقاب .


[889]:- في ب: في الآخرة أخبر أن لهم عذابا قبل عذاب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

على أن لهم قبل ذلك اليوم عذابا - يتركه مجهولا ولكن أكثرهم لا يعلمون

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

وقوله : وَإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابا دُونَ ذلكَ اختلف أهل التأويل في العذاب الذي توعّد الله به هؤلاء الظلمة من دون يوم الصعقة ، فقال بعضهم : هو عذاب القبر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن البراء عَذَابا دُونَ ذَلِكَ قال : عذاب القبر .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابا دُونَ ذلكَ يقول : عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن ابن عباس كان يقول : إنكم لتجدون عذاب القبر في كتاب الله وَإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابا دُونَ ذلكَ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، أن ابن عباس كان يقول : إن عذاب القبر في القرآن . ثم تلا وَإنّ لِلّذِينَ ظَلمُوا عَذَابا دُونَ ذلكَ .

وقال آخرون : عنى بذلك الجوع . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : عَذَابا دُونَ ذلكَ قال : الجوع .

وقال آخرون : عنى بذلك : المصائب التي تصيبهم في الدنيا من ذهاب الأموال والأولاد . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابا دُونَ ذَلكَ قال : دون الاَخرة في هذه الدنيا يعذّبهم به من ذهاب الأموال والأولاد ، قال : فهي للمؤمنين أجر وثواب عند الله ، عدا مصائبهم ومصائب هؤلاء ، عجلهم الله إياها في الدنيا ، وقرأ فَلا تُعْجِبْكَ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادُهُمْ . . . إلى آخر الاَية .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أن للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به عذابا دون يومهم الذي فيه يصعقون ، وذلك يوم القيامة ، فعذاب القبر دون يوم القيامة ، لأنه في البرزخ ، والجوع الذي أصاب كفار قريش ، والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم دون يوم القيامة ، ولم يخصص الله نوعا من ذلك أنه لهم دون يوم القيامة دون نوع بل عمّ فقال وَإنّ لِلّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابا دُونَ ذَلِكَ فكلّ ذلك لهم عذاب ، وذلك لهم دون يوم القيامة ، فتأويل الكلام : وإن للذين كفروا بالله عذابا من الله دون يوم القيامة وَلِكنّ أكْثرَهُمْ لا يَعْلمُونَ بأنهم ذائقو ذلك العذاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

ثم أخبر تعالى بأنهم لهم دون هذا اليوم ، أي قبله عذاب ، واختلف الناس في تعيينه ، فقال ابن عباس وغيره : هو بدر والفتح ونحوه . وقال مجاهد : هو الجوع الذي أصاب قريشاً . وقال البراء بن عازب وابن عباس أيضاً : هو عذاب القبر ، ونزع ابن عباس وجود عذاب القبر بهذه الآية . وقال ابن زيد : هو مصائب الدنيا في الأجسام وفي الأحبة وفي الأموال ، هي للمؤمنين رحمة وللكافرين عذاب ، وفي قراءة ابن مسعود : دون ذلك قريباً { ولكن } { لا يعلمون } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

جملة معترضة والواو اعتراضية ، أي وإن لهم عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة ، وهو عذاب الجوع في سني القحط ، وعذاب السيف يوم بدر .

وفي قوله : { للذين ظلموا } إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : وإن لهم عذاباً جرياً على أسلوب قوله : { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } [ الطور : 45 ] فخولف مقتضى الظاهر لإِفادة علة استحقاقهم العذاب في الدنيا بأنها الإِشراك بالله .

وكلمة { دون } أصلها المكان المنفصل عن شيء انفصالاً قريباً ، وكثر إطلاقه على الأقل ، يقال : هو في الشرف دونَ فلان ، وعلى السابق لأنه أقرب حلولاً من المسبوق ، وعلى معنى ( غير ) . و { دون } في هذه الآية صالحة للثلاثة الأخيرة ، إذ المراد عذابٌ في الدنيا وهو أقل من عذاب الآخرة قال تعالى : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } [ السجدة : 21 ] وهو أسبق من عذاب الآخرة لقوله تعالى : { دون العذاب الأكبر } ، وهو مغاير له كما هو بيّن .

ولكون هذا العذاب مستبعداً عندهم وهم يرون أنفسهم في نعمَة مستمرة كما قال تعالى : { ليقولن هذا لي } [ فصلت : 50 ] أُكد الخبر ب { إنّ } فالتأكيد مراعى فيه شكهم حين يسمعون القرآن ، كما دل عليه تعقيبه بقوله : { ولكن أكثرهم لا يعلمون } .

والاستدراك الذي أفادته ( لكنَّ ) راجع إلى مفاد التأكيد ، أي هو واقع لا محالة ولكن أكثرهم لا يعلمون وقوعه ، أي لا يخطر ببالهم وقوعه ، وذلك من بطرهم وزهوهم ومفعول { لا يعلمون } محذوف اختصاراً للعمل به وأسند عدم العلم إلى أكثرهم دون جميعهم لأن فيهم أهْل رأي ونظر يتوقعون حلول الشر إذا كانوا في خير .

والظلم : الشرك قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] وهو الغالب في إطلاقه في القرآن .