وقوله : تَصْلَى نارا حامِيَةً يقول تعالى ذكره : ترد هذه الوجوه نارا حامية قد حَمِيت واشتدّ حرّها .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة تَصْلَى بفتح التاء ، بمعنى : تَصْلَى الوجوه . وقرأ ذلك أبو عمرو : «تُصْلَى » بضم التاء اعتبارا بقوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
وقرأ الستة وحفص عن عاصم والأعرج وطلحة وأبو جعفر والحسن : «تَصْلى » بفتح التاء وسكون الصاد على بناء الفعل للفاعل ، أي الوجوه ، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وابن محيصن ، واختلف عن نافع وعن الأعرج «تُصْلى » تضم التاء وسكون الصاد ، وذلك يحتمل أن يكون من صليته النار على معنى أصليته ، فيكون كتضرب ، ويحتمل أن يكون من أصليت ، فتكون كتكرم ، وقرأ بعض الناس : «تُصَلّى » بضم التاء وفتح الصاد وشد اللام على التعدية بالتضعيف ، حكاها أبو عمرو بن العلاء ، و «الحامية » ، المتوقدة المتوهجة .
وجملة : { تصلى ناراً حامية } خبر رابع عن { وجوه } . ويجوز أن تكون حالاً ، يقال : صَلِيَ يصلَى ، إذا أصابه حرُّ النار ، وعليه فذكر : { ناراً } بعد { تصلى } لزيادة التهويل والإِرهاب وليُجرَى على { ناراً } وصف { حامية } .
وقرأ الجمهور { تصلى } بفتح التاء أي يُصيبُها صِلْيُ النار . وقرأه أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ويعقوب « تُصْلَى » بضم التاء من أصلاه النار بهمزة التعدية إذا أناله حرَّها .
ووصف النار ب { حامية } لإفادة تجاوز حرها المقدار المعروف لأن الحمي من لوازم ماهية النار فلما وصفت ب { حامية } كان دالاً على شدة الحمى قال تعالى : { نار اللَّه الموقدة } [ الهمزة : 6 ] .
وأخبر عن { وجوه } خبراً خامساً بجملة { تسقى من عين آنية } أو هو حال من ضمير { تصلى } لأن ذكر الاحتراق بالنار يُحضر في الذهن تطلب إطفاء حرارتها بالشراب فجُعل شرابهم من عين آنية .
يقال : أنَى إذا بلغ شدة الحرارة ، ومنه قوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } في سورة الرحمن ( 44 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.