معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

قوله تعالى : { وإن كان } ، وقد كان { أصحاب الأيكة } ، الغيضة ، { لظالمين } ، لكافرين ، واللام للتأكيد ، وهم قوم شعيب عليه السلام ، كانوا أصحاب غياض وشجر ملتف ، وكان عامة شجرهم الدوم ، وهو المقل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

{ 78 - 79 } { وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ }

وهؤلاء هم قوم شعيب ، نعتهم الله وأضافهم إلى الأيكة ، وهو البستان كثير الأشجار ، ليذكر نعمته عليهم ، وأنهم ما قاموا بها بل جاءهم نبيهم شعيب ، فدعاهم إلى التوحيد ، وترك ظلم الناس في المكاييل والموازين ، وعاجلهم على ذلك على أشد المعالجة فاستمروا على ظلمهم في حق الخالق ، وفي حق الخلق ، ولهذا وصفهم هنا بالظلم ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

49

كذلك كان الحال مع قوم شعيب - أصحاب الأيكة - ومع قوم صالح - أصحاب الحجر :

( وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ، فانتقمنا منهم . وإنهما لبإمام مبين . ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ؛ وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين ؛ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ؛ فأخذتهم الصيحة مصبحين ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) . .

وقد فصل القرآن قصة شعيب مع قومه : أهل مدين وأصحاب الأيكة في مواضع أخرى . فأما هنا فيشير إشارة إلى ظلمهم وإلى مصرعهم تصديقا لنبأ العذاب ، في هذا الشوط ، ولإهلاك القرى بعد انقضاء الأجل المعلوم الوارد في مطالع السورة . ومدين والأيكة كانتا بالقرب من قرى لوط

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنّهُمَا لَبِإِمَامٍ مّبِينٍ } .

يقول تعالى ذكره : وقد كان أصحاب الغَيْضة ظالمين ، يقول : كانوا بالله كافرين . والأيكة : الشجر الملتفّ المجتمع ، كما قال أمية :

كَبُكا الحَمامِ عَلى فَرُو *** عِ الأيْكِ في الغُصْنِ الجَوَانِحْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، قال ، قوله : أصحَابُ الأيْكَةِ قال : الشجر ، وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة ، وفي الشتاء اليابسة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِمِينَ ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة . وكان عامّة شجرهم هذا الدّوْم . وكان رسولهم فيما بلغنا شُعَيب صلى الله عليه وسلم ، أرسل إليهم وإلى أهل مدين ، أرسل إلى أمتين من الناس ، وعُذّبتا بعذابين شتى . أما أهل مدين ، فأخذتهم الصيحة وأما أصحاب الأيكة ، فكانوا أهل شجر متكاوس ذُكر لنا أنه سلّط عليهم الحرّ سبعة أيام ، لا يظلهم منه ظلّ ولا يمنعهم منه شيء ، فبعث الله عليهم سحابة ، فحَلّوا تحتها يلتمسون الرّوْح فيها ، فجعلها الله عليهم عذابا ، بعث عليهم نارا فاضطرمت عليهم فأكلتهم . فذلك عذاب يوم الظلّة ، إنه كان عذاب يوم عظيم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبيه عن سعيد بن جبير ، قال : أصحاب الأيكة : أصحاب غَيْضَة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قوله : وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِمِينَ قال : قوم شعيب . قال ابن عباس : الأيكة ذات آجام وشجر كانوا فيها .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : في قوله : أصحَابُ الأَيْكَةِ قال : هم قوم شعيب ، والأيكة : الغيضة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عمرو بن عبد الله ، عن قتادة ، أنه قال : إن أصحاب الأيكة ، والأيكة : الشجر الملتفّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

{ الأيكة } الغيضة والشجر الملتف المخضر يكون السدر وغيره ، قال قتادة ، وروي أن أيكة هؤلاء كانت من شجر الدوم ، وقيل من المقل ، وقيل من السدر ، وكان هؤلاء قوماً يسكنون غيضة ويرتفقون بها في معايشهم فبعث الله إليهم شعيباً فكفروا فسلط الله عليهم الحر فدام عليهم سبعة أيام ثم رأوا سحابة فخرجوا فاستظلوا تحتها فاضطرمت عليهم ناراً ، وحكى الطبري قال : بعث شعيب إلى أمتين كفرتا فعذبتا بعذابين مختلفين : أهل مدين عذبوا بالصيحة ، و { أصحاب الأيكة } ، ولم يختلف القراء في هذا الموضع في إدخال الألف واللام على «أيكة » ، وأكثرهم همز ألف أيكة بعد اللام ، وروي عن بعضهم أنه سهلها ونقل حركتها إلى اللام فقرأ «أصحاب الأيكة » دون همز ، واختلفوا في سورة الشعراء وفي سورة ص{[7208]} ، و { إن } هي المخففة من الثقيلة على مذهب البصريين ، وقال الفراء { إن } بمعنى ما ، واللام في قوله { لظالمين } بمعنى إلا . قال أبو علي : الأيك جمع أيكة كترة وتمر .

قال القاضي أبو محمد : ومن الشاهد على اللفظة قول أمية بن أبي الصلت :

كبكاء الحمام على غصون الأي . . . ك في الطير الجوانح{[7209]}

ومنه قول جرير : [ الوافر ]

وقفت بها فهاج الشوق مني . . . حمام الأيك يسعدها حمام{[7210]}

ومنه قول الآخر :

ألا إنما الدنيا غضارة أيكة . . . إذا اخضرَّ منها جانب جف جانب{[7211]}

ومنه قول الهذلي :

موشحة بالطرتين دنا لها . . . جنا أيكةٍ تضفو عليها قصارها{[7212]}

وأنشد الأصمعي : [ البسيط ]

وما خليج من المروت ذو حدب . . . يرمي الصعيد بخشب الأيك والضال{[7213]}


[7208]:أما في الشعراء ففي قوله تعالى في الآية (176): {كذب أصحاب الأيكة المرسلين}، وأما في ص ففي قوله تبارك وتعالى في الآية (13): {وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب}.
[7209]:قال أمية هذا البيت من قصيدة له يرثي بها قتلى بدر، ومطلعها: ألا بكيت على الكــــرا م بني الكرام أولي الممادح والأيك: الشجر الملتف، واحدته أيكة ، و الجوانح: الموائل، يقال: جنح إذا مال. وفي اللسان: الأيكة: الشجر الكثير الملتف، وقيل: هي الغيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر، وخص بعضهم به منبت الأثل ومجتمعه. وقد روي البيت: "على فروع" بدلا من : "على غصون".
[7210]:"هاج" يهيج: ثار لمشقة أو ضرر، يتعدى ولا يتعدى، والذي حرك الشوق هنا هو الحمام السعيد في الأيك بأليفه، و قد اعتاد الشعراء تداول هذا المعنى، قال الشاعر: وما هاج هذا الشوق إلا حمامـــــــــــــة تغنت على خضراء سمر قيودها صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل تقود الهوى من مسعد ويقودهـــا وقال آخر: إذا تغنى الحمام الورق هيجنــــــــــــي ولو تعزيت عنها أم عمـــــــــار
[7211]:يقال: غضر غضارة: كان في سعة وطيب عيش، وغضر النبات: نعم فهو غاضر وغضير، يصور الدنيا في صورة الأيكة، إذا اشتدت خضرة النبات في جانب منها جف منها جانب آخر، وكذلك الدنيا تعطي وتأخذ، والبيت غير منسوب.
[7212]:قال أبو ذؤيب هذا البيت من قصيدة يرثي بها نشيبة بن محرث، أحد بني مؤمل، ومطلعها: هل الدهر إلا ليلة ونهارهـــــا وإلا طلوع الشمس ثم غيارها والموشحة من الظباء والشاء والطير: التي لها طرتان مسبلتان من جانبيها، ويروى "مولعة"، والتوليع: ألوان مختلفة، و "الطرتان": طريقتان في جنبيها، و هو حيث ينقطع اختلاف لون الظهر من لون البطن، و "دنا لها" قرب لها، و "الجنى": الثمر الذي يجتني، و "يضفو": يكثر ويسبغ عليها، فإذا سبغ عليها القصار من الأغصان فالطوال أحرى أن تكون أسبغ، والشاعر يصف ظبية ويقول في هذا البيت و ما بعده: إنها ملونة جميلة تأكل ما تشاء من الثمار، وقد نعمت بالربيع، و مع ذلك فإنها ليست أجمل ولا أحسن من حبيبته.
[7213]:لم أقف على قائله، ومكان النقط كلمة غير واضحة في النسخ الخطية، وتختلف صورتها وحروفها من نسخة إلى أخرى، والخليج من البحر: شرم منه، أو نهر في شق من النهر الأعظم إلى موضع ينتفع به، وذو حدب: ذو موج مرتفع، وحدب الماء: ما ارتفع من أمواجه. والصعيد: الأرض المرتفعة، وقيل: ما ارتفع من الأرض في أرض منخفضة، وقيل: وجه الأرض عموما، والأيكة: الغيضة تنبت السدر والأراك و نحوهما من ناعم الشجر، وعن ابن الأعرابي: أيكة من أثل، ورهط من عشر، وقصيمة من عضا، والضال: السدر البري، غير مهموز، واحدته ضالة وألفه منقلبة عن ياء. والشاهد في البيت أن الأيكة بمعناها المعروف مستعملة في الشعر العربي.