تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن كَانَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ لَظَٰلِمِينَ} (78)

الآية 78 : وقوله تعالى : { وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين } أي وقد { كان أصحاب الأيكة لظالمين } والأيكة : ذكر أنها الغيضة من الشجر ، وهي ذات آجام وشجر . كانوا فيها ، فبعث إليهم شعيب ، وهو في الغيضة .

وذكر بعض أهل التأويل أن شعيبا بعث إلى قومين : إلى أهل غيضة مرة ، وإلى أهل مدين مرة على ما ذكر : { وإلى مدين أخاهم شعيبا } ( الأعراف : 85 ) وقال في آية أخرى : { كذب أصحاب الأيكة المرسلين } { إذ قال لهم شعيب ألا تتقون } ( الشعراء : 176 و 177 ) .

وقوله تعالى : { وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين } سمى الله الكفرة بأسماء مختلفة ؛ سماهم مرة ظالمين ، ومرة فاسقين ، ومرة {[9951]} مشركين .

واسم الظلم قد يقع في ما دون الكفر والشرك . وكذلك اسم الفسق يقع في ما دون الكفر والشرك .

ثم الكفر لم يقبح لاسم الكفر ، وكذلك الإيمان لم يحسن لاسم الإيمان ؛ إذ ما من مؤمن إلا وهو يكفر بأشياء ، ويؤمن بأشياء . قال الله تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله } ( البقرة : 206 ) المؤمن يكفر بالطاغوت بالأصنام ، كان أهل الكفر عبدوها ، وكذلك الكافر يؤمن بأشياء ، ويكفر بأشياء ؛ يؤمن بالأصنام ، ويكفر بالله .

فثبت أن الكفر لاسم الكفر ليس بقبيح ، وكذلك الإيمان لاسم الإيمان ليس بحسن ، ولكن إنما حسن لأنه إيمان بالله ، والكفر إنما قبح لأنه كفر بالله .

وأما الظلم فهو لاسم الظلم قبيح ، وكذلك الفسق لاسم الفسق قبيح ، فسماهم بأسماء ، هي باسمها قبيحة {[9952]} . لكن الإيمان المطلق ، وهو الإيمان بالله ، والكفر المطلق ، هو الكفر بالله ، وإن كان يسمى بدون الله كفرا وإيمانا كما قلنا : الكتاب المطلق كتاب الله ، والدين المطلق دين الله ، وإن كان اسم الكتاب والدين يقع على ما دونه .


[9951]:من م، في الأصل: و.
[9952]:في الأصل وم: قبيح.