{ 13 - 19 } { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }
المراد بالأبرار ، القائمون بحقوق الله وحقوق عباده ، الملازمون للبر ، في أعمال القلوب وأعمال الجوارح ، فهؤلاء جزاؤهم النعيم في القلب والروح والبدن ، في دار الدنيا [ وفي دار ] البرزخ و [ في ] دار القرار .
فصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنها استئناف بياني جوابٌ عن سؤال يخطر في نفس السامع يثيره قوله : { بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين } [ الانفطار : 9 ، 10 ] الآية لتشوف النفس إلى معرفة هذا الجزاء ما هو ، وإلى معرفة غاية إقامة الملائكة لإِحصاء الأعمال ما هي ، فبُين ذلك بقوله : { إن الأبرار لفي نعيم } الآية .
وأيضاً تتضمن هذه الجملة تقسيم أصحاب الأعمال فهي تفصيل لجملة { يعلمون ما تفعلون } [ الانفطار : 12 ] وذلك من مقتضيات فصل الجملة عن التي قبلها .
وجيء بالكلام مؤكداً ب { إن } ولا الابتداء ليساوي البيانُ مبيّنهُ في التحقيق ودفع الإنكار .
وكرر التأكيد مع الجملة المعطوفة للاهتمام بتحقيق كونهم في جحيم لا يطمعوا في مفارقته .
و { الأبرار } : جمعُ برّ بفتح الباء وهو التقيّ ، وهو فَعْل بمعنى فاعل مشتق من بَرَّ يبر ، ولفعل برّ اسم مصدر هو برّ بكسر الباء ولا يعرف له مصدر قياسيّ بفتح الباء كأنهم أماتوه لئلا يلتبس بالبَرّ وهو التقيّ . وإنما سمي التقيّ بَرّاً لأنه بَرَّ ربه ، أي صدقه ووفى له بما عهد له من الأمر بالتقوى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن الأبرار} يعني المطيعين لله في الدنيا {لفي نعيم} يعني نعيم الآخرة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إن الذين برّوا بأداء فرائض الله، واجتناب معاصيه لفي نعيم الجنان ينعمون فيها...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قد ذكر أن البر أعطى ما طلب منه ما ذكر في قوله: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر} إلى قوله: {وأولئك هم المتقون} [البقرة: 177]. وفي هذه الآية دلالة على ما ذكرنا أن البر إذا ذكر دون التقوى اقتضى المعنى الذي يراد بالتقوى، لأنه أخبر أن البر، هو الإيمان بالله واليوم الآخر، ثم ذكر أن الذي جمع بين هذه الأشياء، هو المتقي...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{الأبرار}: جمع بر، وهو الذي قد اطرد بره عموماً فيرونه في طاعته إياه، وبر أبويه وبر الناس في دفع ضره عنهم وجلب ما استطاع الخير إليهم، وبر الحيوان وغير ذلك في أن لم يفسد شيئاً منها عبثاً ولغير منفعة مباحة...
من تفاريع مسألة الحشر قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين} اعلم أن الله تعالى لما وصف الكرام الكاتبين لأعمال العباد ذكر أحوال العاملين فقال: {إن الأبرار لفي نعيم} وهو نعيم الجنة {وإن الفجار لفي جحيم} وهو النار...
المسألة الثانية: فيه تهديد عظيم للعصاة حكي أن سليمان بن عبد الملك مر بالمدينة وهو يريد مكة، فقال لأبي حازم: كيف القدوم على الله غدا؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم من سفره على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه، قال: فبكى، ثم قال: ليت شعري ما لنا عند الله! فقال أبو حازم: أعرض عملك على كتاب الله، قال: في أي مكان من كتاب الله؟ قال: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إن الأبرار} أي العاملين بما هو واسع لهم مما يرضي الله جلت قدرته {لفي نعيم} أي محيط بهم لا ينفك عنهم ولا ينفكون عنه أصلاً في الدنيا في نعيم الشهود، وفي الآخرة في نعيم الرؤية والوجود في هذه الدار معنىً وفي الآخرة حساً، فكل نعيم في الجنة لهم من المنح الآجلة فرقائقه في هذه الدنيا لهم عاجلة...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
المراد بالأبرار، القائمون بحقوق الله وحقوق عباده، الملازمون للبر، في أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فهؤلاء جزاؤهم النعيم في القلب والروح والبدن، في دار الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار القرار...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
فهو مصير مؤكد، وعاقبة مقررة، أن ينتهي الأبرار إلى النعيم...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
فصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنها استئناف بياني جوابٌ عن سؤال يخطر في نفس السامع يثيره قوله: {بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين} [الانفطار: 9، 10] الآية لتشوف النفس إلى معرفة هذا الجزاء ما هو، وإلى معرفة غاية إقامة الملائكة لإِحصاء الأعمال ما هي، فبُين ذلك بقوله: {إن الأبرار لفي نعيم} الآية. وأيضاً تتضمن هذه الجملة تقسيم أصحاب الأعمال فهي تفصيل لجملة {يعلمون ما تفعلون} [الانفطار: 12] وذلك من مقتضيات فصل الجملة عن التي قبلها. وجيء بالكلام مؤكداً ب {إن} ولام الابتداء ليساوي البيانُ مبيّنهُ في التحقيق ودفع الإنكار. وكرر التأكيد مع الجملة المعطوفة للاهتمام بتحقيق كونهم في جحيم لا يطمعوا في مفارقته. و {الأبرار}: جمعُ برّ بفتح الباء وهو التقيّ، وهو فَعْل بمعنى فاعل مشتق من بَرَّ يبر، ولفعل برّ اسم مصدر هو برّ بكسر الباء ولا يعرف له مصدر قياسيّ بفتح الباء كأنهم أماتوه لئلا يلتبس بالبَرّ وهو التقيّ. وإنما سمي التقيّ بَرّاً لأنه بَرَّ ربه، أي صدقه ووفى له بما عهد له من الأمر بالتقوى...