معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

قوله تعالى : { بل الله مولاكم } . ناصركم وحافظكم على دينكم الإسلام .

قوله تعالى : { وهو خير الناصرين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

ثم أخبر أنه مولاهم وناصرهم ، ففيه إخبار لهم بذلك ، وبشارة بأنه سيتولى أمورهم بلطفه ، ويعصمهم من أنواع الشرور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ }

يعني بذلك تعالى ذكره : أن الله مسدّدكم أيها المؤمنون ، فمنقذكم من طاعة الذين كفروا .

وإنما قيل : { بَلِ اللّهُ مَوْلاكُمْ } لأن قوله : { إنْ تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا يَرُدّوكُمْ على أعْقابِكُمْ } نهيٌ لهم عن طاعتهم ، فكأنه قال : يا أيها الذين آمنوا لا تطيعوا الذين كفروا ، فيردّوكم على أعقابكم ، ثم ابتدأ الخبر ، فقال : { بَلِ اللّهُ مَوْلاكُمْ } فأطيعوه دون الذين كفروا فهو خير من نصر ، ولذلك رفع اسم الله ، ولو كان منصوبا على معنى : بل أطيعوا الله مولاكم دون الذين كفروا ، كان وجها صحيحا . ويعني بقوله : { بَلِ اللّهُ مَوْلاكُمْ } : وليكم وناصركم على أعدائكم الذين كفروا ، { وَهُوَ خَيْرُ النّاصرِين } لا من فررتم إليه من اليهود وأهل الكفر بالله ، فبالله الذي هو ناصركم ومولاكم فاعتصموا وإياه فاستنصروا دون غيره ممن يبغيكم الغوائل ويرصدكم بالمكاره . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { بَلِ اللّهُ مَوْلاكُمْ } إن كان ما تقولون بألسنتكم صدقا في قلوبكم ، { وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ } : أي فاعتصموا به ولا تستنصروا بغيره ، ولا ترجعوا على أعقابكم مرتدين عن دينكم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

وقوله : { بل الله مولاكم } إضراب لإبطال ما تضمّنه ما قبله ، فعلى الوحه الأول تظهر المناسبة غاية الظهور ، لأنّ الطاعة على ذلك الوجه هي من قبيل الموالاة والحلف فناسب إبطالها بالتَّذكير بأنّ مولى المؤمنين هو الله تعالى ، ولهذا التَّذكير موقع عظيم : وهو أن نقض الولاء والحلف أمر عظيم عند العرب ، فإنّ للولاء عندهم شأناً كشأن النسب ، وهذا معنى قرّره الإسلام في خطبة حجّة الوداع أو فتح مكة « مَن انتسب إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين » فكيف إذا كان الولاء ولاء سيد الموالي كلّهم .

وعلى الوجه الثَّاني في معنى { إن تطيعوا الَّذين كفروا } تكون المناسبة باعتبار ما في طاعة المنافقين من موالاتهم وترك ولاء الله تعالى .

وقوله : { وهو خير الناصرين } يقوّي مناسبة الوجه الأول ويزيد إرادته ظهوراً . و { خير النَّاصرين } هو أفضل الموصوفين بالوصف ، فيما يراد منه ، وفي موقعه ، وفائدته ، فالنصر يقصد منه دفع الغلب عن المغلوب ، فمتى كان الدفع أقطع للغالب كان النصر أفضل ، ويقصد منه دفع الظلم فمتى كان النصر قاطعاً لظلم الظالم كان موقعه أفضل ، وفائدته أكمل ، فالنصر لا يخلو من مدحة لأنّ فيه ظهور الشَّجاعة وإباء الضيم والنجدة .

قال ودّاك بنُ ثمَيْل المازني :

إذا استنجدوا لمْ يسْألوا من دعاهم *** لأية حرب أم بأي مكــان

ولكنّه إذا كان تأييداً لظالم أو قاطع طريق ، كان فيه دَخَل ومذمّة ، فإذا كان إظهاراً لحقِّ المحقّ وإبطالِ الباطل ، استكمل المحمدة ، ولذلك فَسّر النَّبيء صلى الله عليه وسلم نصر الظالم بما يناسب خُلُق الإسلام لمّا قال : « انصر أخاك ظالماً ومظلوماً » فقال بعض القوم : هذا أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ فقال : « أنْ تنصره على نفسه فتكفّه عن ظلمه » .