معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (149)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا } . يعني اليهود والنصارى وقال علي رضي الله عنه : يعني : المنافقين في قولهم للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم .

قوله تعالى : { يردوكم على أعقابكم } . يرجعوكم إلى أول أمركم الشرك بالله .

قوله تعالى : { فتنقلبوا خاسرين } . مغبونين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (149)

ثم قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ }

وهذا نهي من الله للمؤمنين أن يطيعوا الكافرين من المنافقين والمشركين ، فإنهم إن أطاعوهم لم يريدوا لهم إلا الشر ، وهم [ قصدهم ]{[165]}  ردهم إلى الكفر الذي عاقبته الخيبة والخسران .


[165]:- زيادة من هامش ب.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (149)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدّوكُمْ عَلَىَ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ }

يعني بذلك تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ، في وعد الله ووعيده وأمره ونهيه { إنْ تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا } ، يعني : الذين جحدوا نبوّة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى ، فيما يأمرونكم به ، وفيما ينهونكم عنه ، فتقبلوا رأيهم في ذلك ، وتنتصحوهم فيما تزعمون أنهم لكم فيه ناصحون ، { يَرُدّوكُمْ على أعْقابِكُمْ } يقول : يحملوكم على الردّة بعد الإيمان والكفر بالله وآياته وبرسوله بعد الإسلام ، { فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ } يقول : فترجعوا عن إيمانكم ودينكم الذي هداكم الله له خاسرين ، يعني : هالكين ، قد خسرتم أنفسكم ، وضللتم عن دينكم ، وذهبت دنياكم وآخرتكم . ينهي بذلك أهل الإيمان بالله أن يطيعوا أهل الكفر في آرائهم ، وينتصحوهم في أديانهم . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا يَرُدّوكُمْ على أعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ } : أي عن دينكم : فتذهب دنياكم وآخرتكم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا } قال ابن جريج : يقول : لا تنتصحوا اليهود والنصارى على دينكم ، ولا تصدّقوهم بشيءٍ في دينكم .

حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا يَرُدّوكُمْ على أعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ } يقول : إن تطيعوا أبا سفيان يردّكم كفارا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (149)

استئناف ابتدائي للانتقال من التَّوبيخ واللوم والعتاب إلى التَّحذير ، ليتوسّل منه إلى معاودة التسلية ، على ما حصل من الهزيمة ، وفي ضمن ذلك كلّه ، من الحقائق الحكمية والمواعظ الأخلاقية والعبر التَّاريخية ، ما لا يحصيه مريد إحصائه .

والطاعة تطلق على امتثال أمْر الآمِر وهو معروف ، وعلى الدخول تحت حكم الغالب ، فيُقال طَاعَت قبيلة كذا وطوّع الجيش بلاد كذا .

و { الَّذين كفروا } شائع في اصطلاح القرآن أن يراد به المشركون ، واللفظ صالح بالوضع لكلّ كافر من مشرك وكتابي ، مظهر أو منافق .

والردّ على الأعقاب : الارتداد ، والانقلاب : الرجوع ، وقد تقدّم القول فيهما عند قوله : { أفأين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } [ آل عمران : 144 ] فالظاهر أنَّه أراد من هذا الكلام تحذير المؤمنين من أن يُخامرهم خاطر الدخول في صلح المشركين وأمانهم ، لأنّ في ذلك إظهار الضّعف أمامهم ، والحاجة إليهم ، فإذا مالوا إليهم استدرجوهم رويداً رويداً ، بإظهار عدم كراهية دينهم المخالف لهم ، حتَّى يردّوهم عن دينهم لأنَّهم لن يرضوا عنهم حتَّى يرجعوا إلى ملّتهم ، فالردّ على الأعقاب على هذا يحصل بالإخارة والمآل ، وقد وقعت هذه العبرة في طاعة مسلمي الأندلس لطاغية الجلالقة . وعلى هذا الوجه تكون الآية مشيرة إلى تسفيهِ رأي من قال : « لو كلّمنا عبد الله بن أبي يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان » كما يدلّ عليه قوله : { بل الله مولاكم } .

ويحتمل أن يراد من الطاعة طاعة القول والإشارة ، أي الامتثال ، وذلك قول المنافقين لهم : لو كان محمد نبيئاً ما قُتل فارجعوا إلى إخوانكم وملّتكم . ومعنى الردّ على الأعقاب في هذا الوجه أنَّه يحصل مباشرة في حال طاعتهم إيّاهم .