{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ } وهو الصوف المنفوش ، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل ، فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة ، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار ؟
أليس حقيقا أن ينخلع قلبه وينزعج لبه ، ويذهل عن كل أحد ؟ ولهذا قال : { وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ }
{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ } أى : كالصوف المصبوغ ألوانا ، لاختلاف ألوان الجبال ، فإن الجبال إذا فتتت وتمزقت فى الجو ، أشبهت الصوف المنفوش إذا طيرته الرياح ، قيل : أول ما تتغير الجبال تصير رملا مهيلا ، ثم عهنا منفوشا ، ثم هباء منبثا .
ووجه الشبه أن السماء فى هذا اليوم تكون فى انحلال أجزائها ، كالشىء الباقى فى قعر الإِناء من الزيت ، وتكون الجبال فى تفرق أجزائها كالصوف المصبوغ الذى تطاير فى الجو .
والعِهن : الصوف المصبوغ ، قيل المصبوغ مطلقاً ، وقيل المصبوغ ألواناً مختلفة وهو الذي درج عليه الراغب والزمخشري ، قال زهير :
كان فُتات العِهن في كل منزِلٍ *** نَزلْنَ به حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّم
والفنا بالقصر : حب في البادية ، يقال له : عنب الثعلب ، وله ألوان بعضه أخضر وبعضه أصفر وبعضه أحمر . والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر .
ووجه الشبه بالعهن تفرق الأجزاء كما جاءت في آية القارعة ( 5 ) { وتكون الجبال كالعهن المنفوشِ } فإيثار العهن بالذكر لإِكمال المشابهة لأن الجبال ذات ألوان قال تعالى : { ومن الجبال جُدد بيضٌ وحُمْرٌ مختلف ألوانها } [ فاطر : 27 ] . وإنما تكون السماء والجبال بهاته الحالة حين ينحلّ تماسك أجزائهما عند انقراض هذا العالم والمصيرِ إلى عالم الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.