الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

" وتكون الجبال كالعهن " أي كالصوف المصبوغ . ولا يقال للصوف عهن إلا أن يكون مصبوغا . وقال الحسن : " وتكون الجبال كالعهن " وهو الصوف الأحمر ، وهو أضعف الصوف . ومنه قول زهير :

كأنَّ فُتَاتَ العِهْنِ في كل مَنْزِل *** نزلنَ بهِ حبُّ الفَنَا لم يُحَطَّمِ{[15345]}

الفتات القطع . والعهن الصوف الأحمر ، واحده عهنة . وقيل : العهن الصوف ذو الألوان ، فشبه الجبال به في تلونها ألوانا . والمعنى : أنها تلين بعد الشدة ، وتتفرق بعد الاجتماع . وقيل : أول ما تتغير الجبال تصير رَمْلاً مَهِيلاً{[15346]} ، ثم عهنا منفوشا ، ثم هباء منبثا .


[15345]:الفنا (مقصور الواحدة فناة): عنب الثعلب. وقيل: هو شجر ذو حب أحمر ما لم يكسر يتخذ منه قراريط يوزن بها، كل حبة قيراط. وقيل: يتخذ منه القلائد. وقوله: "لم يحطم" أراد أن حب الفنا صحيح؛ لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة.
[15346]:المهيل: الذي يحرك أسفله فينهال عليه من أعلاه.