تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ} (9)

الآيتان 8 و9 وقوله تعالى : { يوم تكون السماء كالمهل } [ { وتكون الجبال كالعهن } ] {[22032]} فكأنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذي وعدوا أن يقع بهم العذاب : متى وقته ؟ فنزلت [ هاتان الآيتان ] {[22033]} وقيل : المهل : عكر الزيت ، وهو درديه .

فجائز أن يكون هذا على التحقيق ، وهو أنها تتغير في ذلك اليوم من لون إلى لون ، فتحمر مرة ، وتصفر أخرى لشدة هو ذلك اليوم ، فتكون كدردي الزيت لينا ولونا متغيرا من حال إلى حال .

وجائز ألا يحل بها التغيير ، ولكن شده ما ينزل بالمرء من الهول والفزع تضعف بصره حتى يرى السماء على خلاف اللون الذي هي عليه ، وهو كما ترى المرء إذا حل به الضعف والمرض في الشاهد وجد {[22034]} طعم الأشياء على خلاف ما هي عليها . فيكون في ذكر هذا تهويل وتفزيع .

إن هول ذلك اليوم شديد ، لا تقوم لهوله {[22035]} السماوات والأرضون مع صلابتها وغلظها في نفسها ، فكيف يقوم لهوله {[22036]} الآدمي الموصوف بالضعف واللين ؟

وجائز على ما ذكرنا [ أنها تصير شبيهة ] {[22037]}بالمهل للينها ورخوتها ، وأنها تلين ، وترخو ، من هول ذلك اليوم حتى تصير السماء كالمهل والجبال كالعهن ، فيكون في هذا تهويل ليرجعوا عما هم فيه ، ويقبلوا على عبادة الله تعالى ، ويتسارعوا إلى طاعته .

وتأويل العهن ووجه تشبيه الجبال بها ، يذكر بعد هذا في قوله : { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } [ القارعة : 5 ] .


[22032]:ي الأصل وم: هذه الآية
[22033]:في الأصل وم: هذه الآية
[22034]:في الأصل وم: ووجه
[22035]:في الأصل وم: لهولها.
[22036]:في الأصل وم: لهولتها.
[22037]:في الأصل وم: انه يصير شبيها.