معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

{ فيها } أي في الصحف { كتب } يعني الآيات والأحكام المكتوبة فيها ، { قيمة } عادلة مستقيمة غير ذات عوج .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

ولهذا قال عنها : { فِيهَا } أي : في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي : أخبار صادقة ، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم ، فإذا جاءتهم هذه البينة ، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

{ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أى : فيها سور آيات قرآنية مستقيمة لا عوج فيها ؛ بل هي ناطقة بالحق والخير والصدق والهداية ، وبأخبار الأنبياء السابقين وبأحوالهم مع أقوامهم .

فقوله : { قَيِّمَةٌ } بمعنى مستقيمة لا عوج فيها ولا اضطراب ، من قولهم : قام فلان يقوم ، إذا استوى على قدميه فى استقامة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

وقوله عز وجل : { فيها كتب قيمة } فيه حذف مضاف تقديره فيها أحكام كتب قيمة{[11928]} ، وقيمة : معناه قائمة معتدلة آخذة للناس بالعدل وهو بناء مبالغة ، فإلى { قيمة } هو ذكر من آمن من الطائفتين .


[11928]:هذا إجابة عن سؤال تقديره: كيف، قال: "في صحف فيها كتب" مع أن الصحف هي الكتب؟ وأجيب أيضا بأن الكتب هي الأحكام، قال تعالى: {كتب الله لأغلبن} بمعنى حكم، وقال صلى الله عليه وسلم: (لأقضين بينكما بكتاب الله) ثم قضى بالرجم، وليس ذكر الرجم مسطورا في الكتاب، فالمعنى: لأقضين بينكما بحكم الله.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

كتبا لأن فيها أمورا شتى كثيرة مما ذكر الله عز وجل في القرآن . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفَرُوا منْ أهل الْكِتابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكّينَ حتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيّنَةُ } ؛ فقال بعضهم : معنى ذلك : لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل ، والمشركون من عَبدة الأوثان "منفكين" ، يقول : منتهين ، حتى يأتيهم هذا القرآن ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون ، لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم ، حتى بُعث ، فلما بُعث تفرّقوا فيه ...

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال : معنى ذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد ، حتى تأتيهم البيّنة ، وهي إرسال الله إياه رسولاً إلى خلقه ، رسول من الله .

وقوله : { مُنْفَكّينَ } في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر ، ولذلك صَلُح بغير خبر ، ولو كان بمعنى ما زال ، احتاج إلى خبر يكون تماما له ، واستؤنف قوله { رَسُولٌ مِنَ اللّهِ } وهي نكرة على البيّنة ، وهي معرفة ، كما قيل : { ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ فَعّالٌ } فقال : حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله ، ببعثه الله إياه إليهم ، ثم ترجم عن البيّنة ، فقال : تلك البينة { رَسُولٌ مِنَ اللّهِ يَتْلُو صُحُفا مُطَهّرَةً } يقول : يقرأ صحفا مطهرة من الباطل.

{ فِيها كُتُبٌ قَيّمَةٌ } يقول : في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة ، ليس فيها خطأ ، لأنها من عند الله ... عن قتادة { رَسُولٌ مِنَ اللّهِ يَتْلُو صُحُفا مُطَهّرَةً } يذكر القرآن بأحسن الذكر ، ويثني عليه بأحسن الثناء .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

اختلف فيه ، قال بعضهم : فيها كتب صادقة ، وقال بعضهم : عادلة ، وقال غيرهم : مستقيمة على ما توجبه الحكمة . وجائز أن يكون قوله تعالى : { فيها كتب قيمة } أي أحكام كثيرة مستقيمة على ما توجبه الشريعة والحكمة . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فيه حذف مضاف تقديره فيها أحكام كتب قيمة ، وقيمة : معناه قائمة معتدلة آخذة للناس بالعدل وهو بناء مبالغة ، ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

...أما القيمة ففيها قولان؛

( الأول ) قال الزجاج : مستقيمة لا عوج فيها تبين الحق من الباطل من قام يقوم كالسيد والميت ، وهو كقولهم : قام الدليل على كذا إذا ظهر واستقام.

( الثاني ) : أن تكون القيمة بمعنى القائمة أي هي قائمة مستقلة بالحجة والدلالة ، من قولهم قام فلان بالأمر يقوم به إذا أجراه على وجهه ، ومنه يقال للقائم بأمر القوم القيم ...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{ فِيهَا } أي : في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي : أخبار صادقة ، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم ، فإذا جاءتهم هذه البينة ، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( فيها كتب قيمة ) . .

والكتاب يطلق على الموضوع ، كما يقال كتاب الطهارة وكتاب الصلاة ، وكتاب القدر ، وكتاب القيامة ، وهذه الصحف المطهرة - وهي هذا القرآن - فيها كتب قيمة أي موضوعات وحقائق قيمة . .

ومن ثم جاءت هذه الرسالة في إبانها ، وجاء هذا الرسول في وقته ، وجاءت هذه الصحف وما فيها من كتب وحقائق وموضوعات لتحدث في الأرض كلها حدثا لا تصلح الأرض إلا به . فأما كيف كانت الأرض في حاجة إلى هذه الرسالة وإلى هذا الرسول فنكتفي في بيانه باقتطاف لمحات كاشفة من الكتاب القيم الذي كتبه الرجل المسلم " السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي " بعنوان : " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " . . وهو أوضح وأخصر ما قرأناه في موضوعه :

جاء في الفصل الأول من الباب الأول :

كان القرن السادس والسابع لميلاد المسيح من أحط أدوار التاريخ بلا خلاف . فكانت الإنسانية متدلية منحدرة منذ قرون . وما على وجه الأرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من التردي وقد زادتها الأيام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافها . وكان الإنسان في هذا القرن قد نسي خالقه ، فنسي نفسه ومصيره ، وفقد رشده ، وقوة التمييز بين الخير والشر ، والحسن والقبيح . وقد خفتت دعوة الأنبياء من زمن ، والمصابيح التي أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدهم ، أو بقيت ونورها ضعيف ضئيل لا ينير إلا بعض القلوب ، فضلا عن البيوت ، فضلا عن البلاد . وقد انسحب رجال الدين من ميدان الحياة ، ولاذوا بالأديرة والكنائس والخلوات فرارا بدينهم من الفتن ، وضنا بأنفسهم ، أو رغبة إلى الدعة والسكون ، وفرارا من تكاليف الحياة وجدها ، أو فشلا في كفاح الدين والسياسة ، والروح والمادة ؛ ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك وأهل الدنيا وعاونهم على إثمهم وعدوانهم ، وأكل أموال الناس بالباطل . . .

أصبحت الديانات العظيمة فريسة العابثين والمتلاعبين ؛ ولعبة المجرمين والمنافقين ، حتى فقدت روحها وشكلها ، فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها ؛ وأصبحت مهود الحضارة والثقافة والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال وسوء النظام وعسف الحكام ، وشغلت بنفسها لا تحمل للعالم رسالة ، ولا للأمم دعوة ، وأفلست في معنوياتها ، ونضب معين حياتها ، لا تملك مشرعا صافيا من الدين السماوي ، ولا نظاما ثابتا من الحكم البشري " . .

هذه اللمحة السريعة تصور في إجمال حالة البشرية والديانات قبيل البعثة المحمدية . وقد أشار القرآن إلى مظاهر الكفر الذي شمل أهل الكتاب والمشركين في مواضع شتى . .

من ذلك قوله عن اليهود والنصارى : وقالت اليهود عزير ابن الله . وقالت النصارى المسيح ابن الله . . ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ، وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) . .

وقوله عن اليهود : وقالت اليهود :يد الله مغلولة . غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا . بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء .

وقوله عن النصارى : لقد كفر الذين قالوا :إن الله هو المسيح ابن مريم . . ( لقد كفر الذين قالوا :إن الله ثالث ثلاثة ) .

وقوله عن المشركين : ( قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون ، ولا أنتم عابدون ما أعبد . ولا أنا عابد ما عبدتم ؛ ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين ) . . وغيرها كثير . .

وكان وراء هذا الكفر ما وراءه من الشر والانحطاط والشقاق والخراب الذي عم أرجاء الأرض . . . " وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج ، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة ، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة ، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة ، لا دين صحيح مأثور عن الأنبياء " .

ومن ثم اقتضت رحمة الله بالبشرية إرسال رسول من عنده يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة . وما كان الذين كفروا من المشركين ومن الذين أوتوا الكتاب ليتحولوا عن ذلك الشر والفساد إلا ببعثة هذا الرسول المنقذ الهادي المبين . . .