مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ} (3)

وقوله : { كتب } فيه قولان : ( أحدهما ) المراد من الكتب الآيات المكتوبة في الصحف ( والثاني ) : قال صاحب النظم : الكتب قد يكون بمعنى الحكم : { كتب الله لأغلبن } ومنه حديث العسيف : «لأقضين بينكما بكتاب الله » أي بحكم الله فيحتمل أن يكون المراد من قوله : { كتب قيمة } أي أحكام قيمة أما القيمة ففيها قولان ( الأول ) قال الزجاج : مستقيمة لا عوج فيها تبين الحق من الباطل من قام يقوم كالسيد والميت ، وهو كقولهم : قام الدليل على كذا إذا ظهر واستقام ( الثاني ) : أن تكون القيمة بمعنى القائمة أي هي قائمة مستقلة بالحجة والدلالة ، من قولهم قام فلان بالأمر يقوم به إذا أجراه على وجهه ، ومنه يقال للقائم بأمر القوم القيم ، فإن قيل : كيف نسب تلاوة الصحف المطهرة إلى الرسول مع أنه كان أميا ؟ قلنا : إذا تلا مثلا المسطور في تلك الصحف كان تاليا ما فيها وقد جاء في كتاب منسوب إلى جعفر الصادق أنه عليه السلام كان يقرأ من الكتاب ، وإن كان لا يكتب ، ولعل هذا كان من معجزاته صلى الله عليه وسلم .