ولما عظمه بأن وصف صحفه التي هي محل المكتوب بالطهارة ، بين سبب ذلك فقال : { فيها } أي تلك الصحف { كتب } جمع كتاب أي علوم هي لنفاستها حقيقة بأن تكتب { قيمة * } أي هي في غاية الاستقامة لنطقها بالحق الذي لا مرية فيه ، ليس فيها شرك ولا عوج بنوع من الأنواع ، فإذا أتتهم هذه البينة انفكوا ، وانفكاكهم أنهم كانوا مجتمعين قبل هذا ، أهل الكتاب يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم لما عندهم من البشائر الصريحة به ، والمشركون يقولون : لئن جاءنا نذير لنكونن أهدى من إحدى الأمم ، ويقولون : نحن نعرف الحق لأهله ولا ندفعه بوجه ، فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم بما لا شبهة فيه تفرقوا ، فبعضهم آمن وبعضهم كفر .
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : هي من كمال ما تقدمها ؛ لأنه لما أمره عليه الصلاة والسلام بقراءة كتابه الذي به اتضحت سبيله وقامت حجته ، وأتبع ذلك بالتعريف بليلة إنزاله وتعظيمها بتعظيم ما أهلت له مما أنزل فيها ، أتبع ذلك بتعريفه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الكتاب هو الذي كانت اليهود تستفتح به على مشركي العرب ، وتعظم أمره وأمر الآتي به ، حتى إذا حصل ذلك مشاهداً لهم كانوا هم أول كافر به ، فقال تعالى : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة - إلى قوله : وذلك دين القيمة } وفي التعريف بهذا تأكيد ما تقدم بيانه مما يثمر الخوف وينهج بإذن الله التسليم والتبرؤ من ادعاء حول أو قوة ، فإن هؤلاء قد كانوا قدم إليهم في أمر الكتاب والآتي به يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، وقد كانوا يؤملون الانتصار به عليه الصلاة والسلام من أعدائهم ويستفتحون بكتابه ، فرحم الله من لم يكن عنده علم منه كأبي بكر وعمر وأنظارهما رضي الله عنهم أجمعين ، وحرم هؤلاء الذين قد كانوا على بصيرة من أمره ، وجعلهم بكفرهم شر البرية ، ورضي عن الآخرين ورضوا عنه ، وأسكنهم في جواره ، ومنحهم الفوز الأكبر والحياة الأبدية وإن كانوا قبل بعثه عليه الصلاة والسلام على جهالة وعمى ، فلم يضرهم إذا قد سبق لهم في الأزل { أولئك هم خير البرية } انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.