معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

قوله تعالى : { فأتبعهم } فلحقهم { فرعون بجنوده } وقيل : معناه أمر فرعون جنوده أن يتبعوا موسى وقومه ، والباء فيه زائدة وكان هو فيهم { فغشيهم } أصابهم { من اليم ما غشيهم } وهو : الغرق . وقيل : غشيهم علاهم وسترهم من اليم ما غشيهم يريد غشيهم بعض ماء اليم لا كله . وقيل : غشيهم من اليم ما غشيهم قوم موسى ، فغرقهم ونجا موسى وقومه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه ، فخرجوا أول الليل ، جميع بني إسرائيل هم ونساؤهم وذريتهم ، فلما أصبح أهل مصر إذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب ، فحنق عليهم عدوهم فرعون ، وأرسل في المدائن ، من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في أثر بني إسرائيل ليوقع بهم وينفذ غيظه ، والله غالب على أمره ، فتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني إسرائيل ، فأتبعوهم مشرقين ، { فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون } وقلقوا وخافوا ، البحر أمامهم ، وفرعون من ورائهم ، قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا ، وموسى مطمئن القلب ، ساكن البال ، قد وثق بوعد ربه ، فقال : { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه ، فضربه ، فانفرق اثني عشر طريقا ، وصار الماء كالجبال العالية ، عن يمين الطرق ويسارها ، وأيبس الله طرقهم التي انفرق عنها الماء ، وأمرهم الله أن لا يخافوا من إدراك فرعون ، ولا يخشوا من الغرق في البحر ، فسلكوا في تلك الطرق .

فجاء فرعون وجنوده ، فسلكوا وراءهم ، حتى إذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين ، أمر الله البحر فالتطم عليهم ، وغشيهم من اليم ما غشيهم ، وغرقوا كلهم ، ولم ينجح منهم أحد ، وبنو إسرائيل ينظرون إلى عدوهم ، قد أقر الله أعينهم بهلاكه{[520]}


[520]:- كذا في ب، وفي أ: بهلاكهم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

ثم بين - سبحانه - موقف فرعون بعد أن علم بأن موسى قد خرج بقومه من مصر فقال - تعالى - : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } .

أى : وبعد أن علم فرعون بخروج موسى وبنى إسرائيل من مصر ، جمع جنوده وأسرع فى طلب موسى ومن معه ، فكانت نتيجة ذلك ، أن أغرق الله - تعالى - فرعون وجنوده فى البحر .

وأهلكهم عن آخرهم . . .

والتعبير بالاسم المبهم الذى هو الموصول فى قوله { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } يدل على تعظيم ما غشيهم وتهويله ، أى : فعلاهم وغمرهم من ماء البحر ما لا يعلم كنهه إلا الله - تعالى - بحيث صاروا جميعا فى طيات أمواجه .

ونظيره قوله - تعالى - : { إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى } وقوله : { فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى } قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { مَا غَشِيَهُمْ } من باب الاختصار ومن جوامع الكلم التى تستقل مع قلتها بالمعانى الكثيرة . أى : غشيهم مالا يعلم كنهه إلا الله - تعالى - وقرىء فغشاهم من اليم ما غشاهم ، والتغشية : التغطية . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

77

( فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم . وأضل فرعون قومه وما هدى ) . .

هكذا يجمل السياق كذلك ما غشي فرعون وقومه ، ولا يفصله ، ليبقى وقعه في النفس شاملا مهولا ؛ لا يحدده التفصيل ،

/خ79

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

الفاء فصيحة عاطفة على مقدر يدلّ عليه الكلام السابق ، أي فسرى بهم فأتبعهم فرعون ، فإن فرعون بعد أن رأى آيات غضب الله عليه وعلى قومه وأيقن أنّ ذلك كله تأييد لموسى أذن لموسى وهارون أن يخرجا بني إسرائيل ، وكان إذْن فرعون قد حصل ليلاً لحدوث موتان عظيم في القبط في ليلة الشهر السابع من أشهر القبط وهو شهر ( برمهات ) وهو الذي اتّخذه اليهود رأس سنتهم بإذن من الله وسمّوه ( تِسّرِي ) فخرجوا من مدينة ( رعمسيس ) قاصدين شاطىء البحر الأحمر . وندم فرعون على إطلاقهم فأراد أن يلحقهم ليرجعهم إلى مدينته ، وخرج في مركبته ومعه ستمائة مركبة مختارة ومركبات أخرى تحمل جيشه .

وأتْبَع : مرادفع تَبِع . والباء في { بجُنُودِهِ } للمصاحبة .

واليمّ : البحر . وغشيانه إياهم : تغطيته جُثَثَهم ، أي فغرِقوا .

وقوله { مَا غَشِيَهُمْ } يفيد ما أفاده قوله { فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمّ } إذ من المعلوم أنهم غشيهم غاششٍ ، فتعيّن أن المقصود منه التهويل ، أي بلغ من هول ذلك الغرق أنّه لا يستطاع وصفه . قال في « الكشاف » : « هو من جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة » . وهذا الجزء من القصة تقدم في سورة يونس .