فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

{ فأتبعهم فرعون بجنوده } اتبع هنا مطاوع اتبع يقال : أتبعتهم إذا تبعتهم وذلك إذا سبقوك فلحقته ، فالمعنى تبعهم فرعون ومعه جنوده ، وقيل الباء زائدة والأصل أتبعهم جنوده أي أمرهم أن يتبعوا موسى وقومه ، وقرئ فاتبعهم بالتشديد أي لحقهم بجنوده وهو معهم ، كما يقال ركب الأمير بسيفه أي معه سيفه وقيل سائقا جنوده معه .

{ فغشيهم من اليم ما غشيهم } أي علاهم وأصابهم منه ما غمرهم من الأمر الهائل الذي لا يقادر قدره ، ولا يبلغ كنهه ، وقال السمين : هذا من باب الاختصار وجوامع الكلم أي ما يقل لفظها ويكثر معناها ، والتكرير للتعظيم والتهويل ؛ كما في قوله : { الحاقة ما الحاقة } وقيل غشيهم ما سمعت قصته ؛ وقال ابن الأنباري : غشيهم البعض الذي غشيهم لأنه لم يغشهم كل ماء البحر بل الذي غشيهم بعضه ، فهذه العبارة للدلالة على الذي أغرقهم بعض الماء ، والأول أولى لما يدل عليه من التهويل والتعظيم . وقرئ { فغشاهم من اليم ما غشاهم } أي غطاهم ما غطاهم من الغرق وسترهم ما لم يعلم كنهه إلا الله سبحانه فغرق فرعون وجنوده ونجا موسى وقومه .