فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ بِجُنُودِهِۦ فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ} (78)

{ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } أتبع هنا مطاوع تبع ، يقال : أتبعتهم : إذا تبعتهم ، وذلك إذا سبقوك فلحقتهم ، فالمعنى : تبعهم فرعون ومعه جنوده . وقيل : الباء زائدة والأصل أتبعهم جنوده ، أي أمرهم أن يتبعوا موسى وقومه ، وقرئ «فاتبعهم » بالتشديد أي لحقهم بجنوده وهو معهم كما يقال : ركب الأمير بسيفه ، أي معه سيفه ، ومحل بجنوده النصب على الحال ، أي : سائقاً جنوده معه { فَغَشِيَهُمْ منَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } أي علاهم وأصابهم ما علاهم وأصابهم ، والتكرير للتعظيم والتهويل كما في قوله : { الحاقة * مَا الحاقة } [ الحاقة : 1 2 ] . وقيل : غشيهم ما سمعت قصته . وقال ابن الأنباري : غشيهم البعض الذي غشيهم ؛ لأنه لم يغشهم كل ماء البحر ، بل الذي غشيهم بعضه . فهذه العبارة للدلالة على أن الذي غرقهم بعض الماء ، والأوّل أولى لما يدل عليه من التهويل والتعظيم . وقرئ : ( فغشاهم من اليمّ ما غشاهم ) أي : غطاهم ما غطاهم .

/خ91