قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* فيهما فاكهة ونخل ورمان } قال بعضهم : ليس النخل والرمان من الفاكهة والعامة على أنها من الفاكهة ، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان وهما من جملة الفواكه للتخصيص والتفصيل ، كما قال تعالى : { من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال }( البقرة-98 ) .
أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم ابن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وورقها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة فيها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال أو الدلاء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم .
{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وعطف - سبحانه - النخل والرمان على الفاكهة مع أنهما منهما ، لفضلهما ، فكأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران .
أو - كما يقول صاحب الكشاف - : لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ولذا قال أبو حنيفة - رحمه الله - إذا حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث .
وقال هناك : { فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } ، وقال هاهنا : { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } ، ولا شك أن الأولى أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة ، وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم ؛ ولهذا فسر قوله : { وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } من باب عطف الخاص على العام ، كما قرره البخاري وغيره ، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما .
قال عبد بن حميد : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا حصين بن عمر ، حدثنا مخارق ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب قال : جاء أناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ، أفي{[27944]} الجنة فاكهة ؟ قال : " نعم ، فيها فاكهة ونخل ورمان " . قالوا : أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا ؟ قال : " نعم وأضعاف " . قالوا : فيقضون الحوائج ؟ قال : " لا ولكنهم يعرقون ويرشحون ، فيذهب الله ما في بطونهم من أذى " {[27945]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا الفَضْل بن دُكَيْن ، حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال : نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مُقَطَّعَاتهم ، ومنها حُلَلهم ، وكَرَبُها ذهب أحمر ، وجذوعها زمرد أخضر ، وثمرها أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وليس له عجم .
وحدثنا أبي : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد - هو ابن سلمة - عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نظرت إلى الجنة فإذا الرّمانة من رمانها كمثل البعير المُقْتَب " {[27946]} .
وكرر النخل والرمان لأنهما ليسا من الفواكه . وقال يونس بن حبيب وغيره : كررهما وهما من أفضل الفاكهة تشريفاً لهما وإشادة بهما كما قال تعالى : { وجبريل وميكال }{[10853]} [ البقرة : 98 ] .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وفي هاتين الجنتين المدهامّتين فاكهة ونخل ورمّان. وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان وقد ذُكر قبل أن فيهما الفاكهة؛ فقال بعضهم: أعيد ذلك لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة...
وقال آخرون: هما من الفاكهة، وقالوا: قلنا هما من الفاكهة، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة، قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه؟ قلنا: ذلك كقوله:"حافِظوا على الصّلَوَاتِ والصّلاةِ الوُسْطَى "فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمّان ترغيبا لأهل الجنة...
{فيهما فاكهة ونخل ورمان، فبأي آلاء ربكما تكذبان} فهو كقوله تعالى: {فيهما من كل فاكهة زوجان} وذلك لأن الفاكهة أرضية نحو البطيخ وغيره من الأرضيات المزروعات، وشجرية نحو النخل وغيره من الشجريات فقال: {مدهامتان} بأنواع الخضر التي منها الفواكه الأرضية وفيهما أيضا الفواكه الشجرية وذكر منها نوعين وهما الرمان والرطب لأنهما متقابلان فأحدهما حلو والآخر غير حلو، وكذلك أحدهما حار والآخر بارد، وأحدهما فاكهة وغذاء، والآخر فاكهة، وأحدهما من فواكه البلاد الحارة والآخر من فواكه البلاد الباردة، وأحدهما أشجاره في غاية الطول والآخر أشجاره بالضد وأحدهما ما يؤكل منه بارز ومالا يؤكل كامن، والآخر بالعكس فهما كالضدين والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما..
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.