وجملة { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } تعليلية ، ومقررة لمضمون ما قبلها ، أى : إنهم مشفقون من عذاب ربهم . . لأن العاقل لا يأمن عذابه - عز وجل - مهما أتى من طاعات وقدم من أعمال صالحة .
وشبيه بهذه الآية قوله - سبحانه - { والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
وفي قوله هنا : ( إن عذاب ربهم غير مأمون ) . . إيحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة ، فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب . والله لا يطلب من الناس إلا هذه اليقظة وهذه الحساسية ، فإذا غلبهم ضعفهم معها ، فرحمته واسعة ، ومغفرته حاضرة . وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق ! وهذاقوام الأمر في الإسلام بين الغفلة والقلق . والإسلام غير هذا وتلك . والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو ، ويخاف ويطمع ، وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
لا يأمنون للعذاب من الشفقة والخوف.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"إنّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيرُ مأْمُونٍ "أن ينال من عصاه وخالف أمره.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فهذا هو الحق ألا يأمن أحد من عذابه، وإن دأب في عمله، واجتهد في طاعته لما لا يدري على ماذا يختم أمره، أو يخاف ألا يقبل منه ويرد عليه، أو يخاف أن يكون قد قصر عن شكر كثير من النعم، وغفل عنها. والأصل أنه ما من أحد ينظر في أمره وحاله إلا وهو يرى على نفسه من الله تعالى أنعما، لو أجهد نفسه ليقوم بشكر واحدة منها لقصر في ذلك ولم يتهيأ له القيام بوفائها. فمن كان هذا وصفه فأنى يقع له الأمن من عذابه؟ ويؤخذ منه الوفاء بالأسباب التي يؤمن بها؟ إلا أن يكون من الخاسرين.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الطاعة والاجتهاد أن يأمنه، وينبغي أن يكون مترجحاً بين الخوف والرجاء.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
لكن عذاب الله لا يأمنه إلا من لا بصيرة له.
والمراد أن الإنسان لا يمكنه القطع بأنه أدى الواجبات كما ينبغي، واحترز عن المحظورات بالكلية، بل يجوز أن يكون قد وقع منه تقصير في شيء من ذلك، فلا جرم يكون خائفا أبدا.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وفي قوله هنا: (إن عذاب ربهم غير مأمون).. إيحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة، فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب. والله لا يطلب من الناس إلا هذه اليقظة وهذه الحساسية، فإذا غلبهم ضعفهم معها، فرحمته واسعة، ومغفرته حاضرة. وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق! وهذا قوام الأمر في الإسلام بين الغفلة والقلق. والإسلام غير هذا وتلك. والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو، ويخاف ويطمع، وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
فقد يستسلم الإنسان للثقة بعمله، فيخيّل إليه أنه على الحق، ولكنه يتخبّط في الباطل، فلا يدقّق في طبيعة العمل وفي خلفياته ونتائجه والشروط الإيمانية لسلامته في حركته نحو الهدف. وهكذا يشعر المؤمن دائماً بالخوف من الله، والحذر من عقابه، اتّهاماً لنفسه التي يعمل دائماً على أن لا يُخرجها من حدّ التقصير في جنب الله.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.