معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

قوله تعالى : { قال } موسى لما تبين له عذر أخيه .

قوله تعالى : { رب اغفر لي } ، ما صنعت إلى أخي .

قوله تعالى : { ولأخي } ، إن كان منه تقصير في الإنكار على عبدة العجل .

قوله تعالى : { وأدخلنا } جميعاً .

قوله تعالى : { في رحمتك وأنت أرحم الراحمين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

فندم موسى عليه السلام على ما استعجل من صنعه بأخيه قبل أن يعلم براءته ، مما ظنه فيه من التقصير .

و قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأخِي هارون وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ أي : في وسطها ، واجعل رحمتك تحيط بنا من كل جانب ، فإنها حصن حصين ، من جميع الشرور ، وثم كل الخير وسرور .

وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أي : أرحم بنا من كل راحم ، أرحم بنا من آبائنا ، وأمهاتنا وأولادنا وأنفسنا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

{ رَبِّ اغفر لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين } أى : قال موسى ليرضى أخاه ، وليظهر لأهل الشماتة رضاه عنه بعد أن ثبتت براءته : رب اغفر لى ما فرط منى من قول أو فعل فيه غلظة على أخى .

واغفر له كذلك ما عسى أن يكون قد قصر فيه مما أنت أعلم به منى ، وأدخلنا في رحمتك التي وسعت كل شىء فأنت أرحم بعبادك من كل راحم .

وبهذا يكون القرآن الكريم قد برأ ساحة هارون من التقصير ، وأثبت أنه قد عرض نفسه للأذى في سبيل أن يصرف عابدى العجل عن عبادته وفى ذلك تصحيح لما جاء في التوراة ( الفصل الثانى والثلاثين من سفر الخروج ) من أن هارون - عليه السلام - هو الذي صنع العجل لبنى إسرائيل ليعبدوه في غيبة موسى - عليه السلام - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

138

عندئذ تهدأ ثائرة موسى أمام هذه الوداعة وأمام هذا البيان . وعندئذ يتوجه الى ربه ، يطلب المغفرة له ولأخيه ، ويطلب الرحمة من أرحم الراحمين :

( قال : رب اغفر لي ولأخي ، وأدخلنا في رحمتك ، وأنت أرحم الراحمين ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

فعند ذلك قال موسى : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا أبو عَوَانة ، عن أبي بِشْر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال النبي{[12144]} صلى الله عليه وسلم " يرحم{[12145]} الله موسى ، ليس المعاين كالمخبر ؛ أخبره ربه ، عز وجل ، أن قومه فتنوا بعده ، فلم يلق الألواح ، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح " {[12146]}


[12144]:في ك، أ: "رسول الله"
[12145]:في م: "رحم".
[12146]:ورواه الحاكم في المستدرك (2/380) من طريق أبي بشر، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وفي تلخيص الذهبي: "سمعه من أبي بشر ثقتان".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ رَبّ اغْفِرْ لِي وَلأخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : قال موسى لما تبين له عذر أخيه ، وعلم أنه لم يفرّط في الواجب الذي كان عليه من أمر الله في ارتكاب ما فعله الجهلة من عبدة العجل : رَبّ اغْفِرْ لي مستغفرا من فعله بأخيه ، ولأخيه من سالف له بينه وبين الله ، تغمد ذنوبنا بستر منك تسترها به . وأدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ يقول : وارحمنا برحمتك الواسعة عبادك المؤمنين ، فإنك أنت أرحم بعبادك من كلّ من رحم شيئا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

{ قال رب اغفر لي } بما صنعت بأخي . { ولأخي } إن فرط في كفهم ضمه إلى نفسه في الاستغفار ترضية له ودفعا للشماتة عنه . { وأدخلنا في رحمتك } بمزيد الإنعام علينا . { وأنت أرحم الراحمين } فأنت أرحم بنا منا على أنفسنا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

استغفر موسى من فعله مع أخيه ومن عجلته في إلقاء الألواح واستغفر لأخيه من فعله في الصبر لبني إسرائيل ، ويمكن بأن الاستغفار كان لغير هذا مما لا نعلمه والله أعلم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (151)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال} موسى: {رب اغفر لي}، يعني تجاوز عني، {ولأخي} هارون، {وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال موسى لما تبين له عذر أخيه، وعلم أنه لم يفرّط في الواجب الذي كان عليه من أمر الله في ارتكاب ما فعله الجهلة من عبدة العجل:"رَبّ اغْفِرْ لي" مستغفرا من فعله بأخيه، ولأخيه من سالف له بينه وبين الله، تغمد ذنوبنا بستر منك تسترها به. "وأدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ "يقول: وارحمنا برحمتك الواسعة عبادَك المؤمنين، فإنك أنت أرحم بعبادك من كلّ من رحم شيئا...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وأنت أرحم الراحمين} لأن كل من يرحم من دونه فإنما يرحم برحمته.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والمقتضي لهذا الدعاء بالمغفرة قيل فيه قولان: أحدهما – ما أظهره من الموجدة على هارون وهو برئ مما يوجب العتب عليه، لأنه لم يكن منه تقصير في الإنكار على من عبد العجل، لأنه بلغ معهم من الإنكار إلى أن هموا بقتله لشدة إنكاره، ولذلك قال "إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني"... وكان هذا الدعاء من موسى انقطاعا منه إلى الله تعالى، وتقربا إليه لا أنه كان وقع منه أو من أخيه قبيح صغير أو كبير يحتاج أن يستغفر منه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{قَالَ رَبّ اغفر لِي وَلأخِي} ليرضي أخاه ويظهر لأهل الشماتة رضاه عنه فلا تتم لهم شماتتهم، واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه، ولأخيه أن عسى فرط في حسن الخلافة. وطلب أن لا يتفرقا عن رحمته، ولا تزال منتظمة لهما في الدنيا والآخرة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{رب اغفر لي} أي فيما أقدمت عليه من هذا الغضب والحدة {ولأخي} في تركه التشديد العظيم على عبدة العجل {وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}. واعلم أن تمام هذه السؤالات والجوابات في هذه القصة مذكور في سورة طه. والله أعلم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما تبين له ما هو اللائق بمنصب أخيه الشريف من أنه لم يقصر في دعائهم إلى الله ولا وني في نهيهم عن الضلال، ورأى أن ما ظهر له من الغضب مرهب لقومه وازع لهم عما ارتكبوا، دعا له ولنفسه مع الاعتراف بالعجز وأنه لا يسع أحداً إلا العفو، وساق سبحانه ذلك مساق الجواب لسؤال بقوله: {قال رب} أي أيها المحسن إليَّ {اغفر لي} أي ما حملني عليه الغضب لك من إيقاعي بأخي {ولأخي} أي في كونه لما يبلغ ما كنت أريده منه من جهادهم. ولما دعا بمحو التقصير، أتبعه الإكرام فقال: {وأدخلنا} أي أنا وأخي وكل من انتظم معنا {في رحمتك} لتكون غامرة لنا محيطة بنا؛ ولما كان التقدير: فأنت خير الغافرين، عطف عليه {وأنت أرحم الراحمين} أي لأنك تنعم بما لا يحصره الحد ولا يحصيه العد من غير نفع يصل إليك ولا أذى يلحقك بفعل ذلك ولا تركه.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

وماذا كان من أثر هذا الاستعطاف في قلب موسى عليه السلام {قال ربّ اغفر لي ولأخي} أي اغفر لي ما أغلظت عليه به من قول وفعل، واغفر له ما عساه قصر فيه من مؤاخذة القوم، لما توقعه من الإيذاء حتى القتل، {وأدخلنا في رحمتك} التي وسعت كل شيء بجعلها شاملة لنا وجعلنا مغمورين فيها. وهو أبلغ من "وارحمنا "{وأنت أرحم الرّاحمين} وهذا ثناء، يدل على مزيد الثقة في الرجاء، والدعاء في جملته أقوى في استعتاب هارون من الاعتذار له، وأدل على تخييب أمل الأعداء في شيء مما يثير حفيظة الشماتة...

برأ القرآن المجيد هارون عليه السلام من جريمة اتخاذ العجل ومن التقصير في الإنكار على متخذيه وعابديه من قومه، وهذا من أهم المواضع التي هيمن بها على كتب الأنبياء التي في أيدي أهل الكتاب فصحح أغلاط محرفيها، وهو يحثو التراب في أفواه الطاعنين فيه وفيمن جاء به "برأهما الله تعالى" بزعمهم أنه أخذ عن التوراة ما فيه من أخبار موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل، فإنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كان أميا لم يقرأ ولم يطلع على شيء من تلك الكتب ولم يكن في بلده من يعرف من تلك الكتب شيئا، وقد كان يقرأ على أعدى المعاندين له من قومه مثل قوله تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} [العنكبوت: 48] وقوله: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} [هود: 49] ولو كان يعلم أو كانوا يعلمون شيئا من تلك الكتب لكذبه في هذا أولئك الجاحدون والمعاندون وقد تقدم الاحتجاج بهذا، والغرض هنا إقامة حجة أخرى وهي أنه لو كان صلى الله عليه وسلم نقل عن التوراة لوافقها في كل ما نقله وهو قد خالفها في مواضع بما جعله منزله جل جلاله مهيمنا ورقيبا عليها، ومصححا لأهم ما وقع من التحريف فيها، ومنه تبرئة هارون وغيره من الرسل عليهم السلام من الذنوب والجرائم التي عزيت إليهم فيها فجعلتهم قدوة سيئة كجعل هارون عليه السلام وهو الصانع للعجل كما هو مفصل في الفصل الثاني والثلاثين من سفر الخروج...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة: {قال رب اغفر لي} جواب عن كلام هارون، فلذلك فصلت. وابتدأ موسى دعاءه فطلب المغفرة لنفسه تأدباً مع الله فيما ظهر عليه من الغضب، ثم طلب المغفرة لأخيه فيما عسى أن يكون قد ظهر منه من تفريط أو تساهل في ردع عبدة العجل عن ذلك. وذكر وصف الأُخوة هناك زيادة في الاستعطاف عسى الله أن يُكرم رسوله بالمغفرة لأخيه كقول نوح: {رب إن ابني من أهلي} [هود: 45]. والإدخال في الرحمة استعارة لشمول الرحمة لهما في سائر أحوالهما، بحيث يكونان منها، كالمستقر في بيت أو نحوه مما يحوي، فالإدخال استعارة أصلية وحرف (في) استعارة تبعية، أوقع حرفه الظرفية موقع باء الملابسة. وجملة: {وأنت أرحم الراحمين} تذييل، والواوُ للحال أو اعتراضية، و {أرحم الراحمين} الأشد رحمة من كل راحم.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

ولقد كان موسى – عليه السلام –شديد الغضب، لكنه كان سريع الفيئة؛ ولذا قال راجعا إلى الحق في أمر أخيه معلنا الرضا. فقال: {رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}.

طلب الغفران لنفسه لأنه يحس كما يحس الأبرار بقصور نفسي من تقصير حقيقي، ولأنه ألقى التبعة على أخيه، وما قصر أخوه، وأن يغفر لأخيه، إذا كان لم يحملهم على الجادة، ولم يمنعهم عن غيهم، ثم يقول: {وأدخلنا في رحمتك} التي كتبتها للمؤمنين، {وأنت أرحم الراحمين}.

وهنا إشارة بيانية في القول فإن هارون قال {ابن أم} وهو نداء استعطاف واسترحام، وخصت الأم بالذكر؛ لأنها مجتمع الحنان والرفق والمودة بين أولادها.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إنّ طلب موسى (عليه السلام) العفو والمغفرة من الله تعالى لنفسه ولأخيه، لم يكن لذنب اقترفاه، بل كان نوعاً من الخضوع لله، والعودة إليه، وإظهار النفرة من أعمال الوثنيين القبيحة، وكذا لإعطاء درس عملي للجميع حتى يفكروا ويروا إذا كان موسى وأخوه وهما لم يقترفا انحرافا يطلبان من الله العفو والمغفرة هكذا، فالأجدر بالآخرين أن ينتبهوا ويحاسبوا أنفسهم، ويتوجهوا إلى الله ويسألوه العفو والمغفرة لذنوبهم...