معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

قوله عز وجل :{ يا أيتها النفس المطمئنة } إلى ما وعد الله عز وجل المصدقة بما قال الله . وقال مجاهد : { المطمئنة } التي أيقنت أن الله تعالى ربها وصبرت جاشاً لأمره وطاعته . وقال الحسن : المؤمنة الموقنة ، وقال عطية : الراضية بقضاء الله تعالى . وقال الكلبي : الآمنة من عذاب الله . وقيل : المطمئنة بذكر الله ، بيانه : قوله { وتطمئن قلوبهم بذكر الله } .

واختلفوا في وقت هذه المقالة ، فقال قوم : يقال لها ذلك عند الموت فيقال لها : { ارجعي إلى ربك } إلى الله ، { راضيةً } بالثواب ، { مرضية } عنك . وقال الحسن : إذا أراد الله قبضها اطمأنت إلى الله ورضيت عن الله ورضي الله عنها . قال عبد الله ابن عمر : إذا توفي العبد المؤمن أرسل الله عز وجل ملكين ، وأرسل إليه بتحفة من الجنة ، فيقال لها : اخرجي يا أيتها النفس المطمئنة ، اخرجي إلى روح وريحان وربك عنك راض ، فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه ، والملائكة على أرجاء السماء يقولون : قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة . فلا تمر بباب إلا فتح لها ولا بملك إلا صلى عليها ، حتى يؤتى بها الرحمن فتسجد ، ثم يقال لميكائيل : اذهب بهذه فاجعلها مع أنفس المؤمنين ، ثم يؤمر فيوسع عليه قبره ، سبعون ذراعاً عرضه ، وسبعون ذراعاً طوله ، وينبذ له فيه الريحان ، وإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره . وإن لم يكن جعل له نور مثل الشمس في قبره ، ويكون مثله مثل العروس ، ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله إليه . وإذا توفي الكافر أرسل الله إليه ملكين وأرسل قطعة من بجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن ، فيقال : يا أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى جهنم وعذاب أليم وربك عليك غضبان . وقال أبو صالح في قوله : { ارجعي إلى ربك راضية مرضية } قال : هذا عند خروجها من الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قيل : { ادخلي في عبادي * وادخلي جنتي } . وقال آخرون : إنما يقال لها ذلك عند البعث . { ارجعي إلى ربك } أي إلى صاحبك وجسدك ، فيأمر الله الأرواح أن ترجع إلى الأجساد وهذا قول عكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، ورواية العوفي عن ابن عباس . وقال الحسن : معناه : ارجعي إلى ثواب ربك راضيةً عن الله بما أعد لها ، مرضيةً رضي الله عنها ربها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

{ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ } الذي رباك بنعمته ، وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه { رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } أي : راضية عن الله ، وعن ما أكرمها به من الثواب ، والله قد رضي عنها .