وقال قوم : النداءُ عند قيام الأجْسَادِ من القبور ، فقولُه : { ارجعي إلى رَبِّكِ } معناه بالبعثِ ، و( ادْخُلِي في عِبَادي ) أي في الأجْسَادِ ، وقيل : النداءُ هو الآنَ للمؤمنينَ ، وقال آخرونَ : هذا النداء إنما هو في المَوْقِفِ عندما يُنْطَلَقُ بأهل النار إلى النار . ( ت ) : ولا مانِع أن يكونَ النداءُ في جميعِ هذه المواطِنِ ، ولما تكلَّمَ ابن عطاء اللَّه في مراعاة أحوال النفس قال : رُبَّ صاحبِ وِرْدٍ عَطَّلَه عن وِرْدِهِ والحضورِ فيه مع ربه هَمُّ التدبيرِ في المعيشةِ وغيرِها من مصالحِ النفسِ ، وأنواعُ وَسَاوِسِ الشيطان في التدبيرِ لا تَنْحَصِرُ ، ومتى أعطاكَ اللَّه سُبحانه الفَهْمَ عنه عرَّفَكَ كَيْفَ تَصْنَع ، فَأَيُّ عبدٍ توفَّر عقلُه واتَّسَعَ نورُه نزلت عليه السكينةُ من ربّه فسكنَتْ نفسُهُ عن الاضْطِرَابِ ، وَوَثِقَتْ بِوَلِيِّ الأسبابِ ، فكانت مطمئنةً ، أي : خامِدَةً ساكنةً مستسلمةً لأحكامِ اللَّهِ ثابتةً لأقدارِهِ وممدودةً بتأييدِه وأنوارِه ، فاطمأنَّتْ لمولاَها ؛ لعلمِها بأنه يَرَاهَا : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [ فصلت : 53 ] فاستحَقَّتْ أنْ يقالُ لها : { يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } وفي الآية خصائصُ عظيمةٌ لَها مِنْها ترفيعُ شأنِها بتَكْنِيَتِها ومَدْحِها بالطَّمْأنينَةِ ثَنَاءً منه سبحانه عليها بالاستسلام إليه والتوكلِ عليه ، والمطمئنُّ المنخفضُ من الأرضِ ، فلما انخفضتْ بتَواضُعِهَا وانكسارِها ؛ أثْنَى عليها مولاَها ، ومنها قوله : { رَاضِيَةً } أي : عن اللَّهِ في الدنيا بأحكامِه ، و{ مَّرْضِيَّةً } في الآخرةِ بِجُودِهِ وإنعامِه ، وفي ذلك إشارةٌ للعَبْدِ أَنَه لا يَحْصُل له أنْ يكونَ مَرْضِيًّا عند اللَّه في الآخرةِ حتى يكونَ راضِياً عن اللَّهِ في الدنيا ، انتهى من «التنوير » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.