معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَرَادُواْ بِهِۦ كَيۡدٗا فَجَعَلۡنَٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِينَ} (70)

قوله تعالى :{ وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين } قيل : معناه أنهم خسروا السعي والنفقة ولم يحصل لهم مرادهم . وقيل : معناه إن الله عز وجل أرسل على نمرود وأهله البعوض فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ، ودخلت واحدة في دماغه فأهلكته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَرَادُواْ بِهِۦ كَيۡدٗا فَجَعَلۡنَٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِينَ} (70)

وقوله : وأرَادُوا بِهِ كَيْدا يقول تعالى ذكره : وأرادوا بإبراهيم كيدا ، فَجَعَلْناهُمُ الأخْسَرِينَ يعني الهالكين . وقد :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج : وأرَادُوا بِهِ كَيْدا فجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِينَ قال : ألقوا شيخا منهم في النار لأن يصيبوا نجاته ، كما نُجي إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فاحترق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَرَادُواْ بِهِۦ كَيۡدٗا فَجَعَلۡنَٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِينَ} (70)

تسمية عزمهم على إحراقه كيْداً يقتضي أنهم دبروا ذلك خفية منه . ولعلّ قصدهم من ذلك أن لا يفرّ من البلد فلا يتم الانتصار لآلهتهم .

والأخسر : مبالغة في الخاسر ، فهو اسم تفضيل مسلوب المفاضلة .

وتعريف جزأي الجملة يفيد القصر ، وهو قصرٌ للمبالغة كأنّ خسارتهم لا تدانيها خسارة وكأنهم انفردوا بوصف الأخسرين فلا يصدق هذا الوصف على غيرهم . والمراد بالخسارة الخيبة . وسميت خيبتُهم خسارةً على طريقة الاستعارة تشبيهاً لخيبة قصدهم إحراقَه بخيبة التاجر في تجارته ، كما دل عليه قوله تعالى : { وأرادوا به كيداً } ، أي فخابوا خيبة عظيمة . وذلك أن خيبتهم جُمع لهم بها سلامةُ إبراهيم من أثر عقابهم وإن صار ما أعَدوه للعقاب معجزة وتأييداً لإبراهيم عليه السلام .

وأما شدة الخسارة التي اقتضاها اسم التفضيل فهي بما لحقهم عقب ذلك من العذاب إذ سلط الله عليهم عذاباً كما دلّ عليه قوله تعالى في [ سورة الحج : 44 ] { فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير } وقد عَدّ فيهم قومَ إبراهيم ، ولم أرَ من فسر ذلك الأخذ بوجه مقبول . والظاهر أن الله سلّط عليهم الأشوريين فأخذوا بلادهم ، وانقرض ملكهم وخلفهم الأشوريون ، وقد أثبت التاريخ أن العيلاميين من أهل السوس تسلّطوا على بلاد الكلدان في حياة إبراهيم في حدود سنة 2286 قبل المسيح .