معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

{ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب } يعني دخان جهنم إذا ارتفع تشعب وافترق ثلاث فرق . وقيل : يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث فرق نور ودخان ، ولهب ، فأما النور فيقف على رؤوس المؤمنين ، والدخان يقف على رؤوس المنافقين ، واللهب الصافي يقف على رؤوس الكافرين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

وقوله : { انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ . . } بدل مما قبله ، وأعيد فعل { انطلقوا . . } على سبيل التوكيد ، لقصد الزيادة فى تقريعهم وتوبيخهم .

والمراد بالظل : دخان جهنم ، وسمى بذلك لشدة كثافته ، أى : انطلقوا - أيها المشركون - إلى ظل من دخان جهنم الذى يتصاعد من وقودها ، ثم يتفرق بعد ذلك إلى ثلاث شعب ، شأن الدخان العظيم عندما يرتفع .

وسمى هذا الدخان العظيم الخانق بالظل ، على سبيل التهكم بهم ، إذ هم فى هذه الحالة يكونون فى حاجة شديدة إلى ظل يأوون إلى برده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

وجملة { انطلقوا إلى ظل } إلى آخرها ، بدل اشتمال أو مطابقٌ من جملة { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } .

وأعيد فعل { انطلقوا } على طريقة التكرير لقصد التوبيخ أو الإِهانة والدَّفْع ، ولأجله أُعيد فعل { انطلقوا } وحرفُ { إلى } .

ومقتضى الظاهر أن يقال : انطلقوا إلى ما كنتُم به تكذبون ظِللٍ ذي ثلاث شعب ، فإعادة العامل في البدل للتأكيد في مقام التقريع .

وأريد بالظل دخان جهنم لكثافته ، فعبر عنه بالظل تهكماً بهم لأنهم يتشوقون ظلاً يأوون إلى برده .

وأفرد { ظل } هنا لأنه جعل لهم ذلك الدخان في مكان واحد ليكونوا متراصين تحته لأن ذلك التراص يزيدهم ألماً .

وقرأ الجمهور { انطلقوا } الثاني بكسر اللام مثل { انطلقوا } الأول ، وقرأه رُوَيس عن يعقوب بفتح اللام على صيغة الفعل الماضي على معنى أنهم أُمروا بالانطلاق إلى النار فانطلقوا إلى دخانها ، وإنما لم يعطف بالفاء لقصد الاستئناف ليكون خبراً آخرَ عن حالهم .

والشُّعَب : اسم جمع شُعبة وهي الفريق من الشيء والطائفة منه ، أي ذي ثلاث طوائف وَأريد بها طوائف من الدخان فإن النار إذا عظم اشتعالها تصاعد دخانها من طرفيها ووسطها لشدة انضغاطه في خروجه منها .

فوُصف الدخان بأنه ذو ثلاث شعب لأنه يكون كذلك يوم القيامة . وقد قيل في سبب ذلك : إن شعبة منه عن اليمين وشعبة عن اليسار وشعبة من فوق ، قال الفخر : « وأقول هذا غير مستبعد لأن الغضب عن يمينه والشهوة عن شماله والقوة الشيطانية في دماغه ، ومنبع جميع الآفات الصادرة عن الإِنسان في عقائده وفي أعماله ليس إلاّ هذه الثلاثة ، ويمكن أن يقال ها هنا ثلاث درجات وهي : الحِس ، والخيال ، والوهَم . وهي مانعة للروح من الاستنارة بأنوار عالم القدس » اه .