معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (33)

قوله تعالى : { قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون } ، أراد : أنا أفضل منه لأنه طيني ، وأنا ناري ، والنار تأكل الطين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (33)

وقوله - سبحانه - : { قَالَ يا إبليس مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ الساجدين قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } بيان لما وبخ الله - تعالى - به إبليس ، ولرد إبليس - لعنه الله - على خالقه - عز وجل - .

أى : قال الله - تعالى - لإِبليس على سبيل التوبيخ والزجر : أى سبب حملك على مخالفة أمرى ، وجعلك تمتنع عن السجود لمن أمرتك بالسجود له ؟

فكان رد إبليس : ما كان ليليق بشأنى ومنزلتى أن أسجد مع الساجدين لبشر خلقته - أيها الخالق العظيم - من صلصال من حمأ مسنون .

ومقصود إبليس بهذا الرد إثبات أنه خير من آدم ، كما حكى عنه - سبحانه - ذلك في قوله - تعالى - { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } وهذا الرد منه يدل على عصيانه لأمر ربه ، وعدم الرضا بحكمه ، وسوء أدبه مع خالقه - سبحانه - .

قال الآلوسى : وقد أخطأ اللعين حيث ظن أن الفضل كله باعتبار المادة ، وما درى أنه يكون باعتبار الفاعل ، وباعتبار الصورة ، وباعتبار الغاية ، بل إن ملاك الفضل والكمال هو التخلى عن الملكات الردية ، والتحلى بالمعارف الربانية .

فشمال والكأس فيها يمين . . . ويمين لا كأس فيها شمال

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (33)

وقول إبليس { لم أكن لأسجد لبشر } ليس هذا موضع كفره عند الحذاق ، لأن إبايته إنما هي معصية فقط ، وأما قوله وتعليله فإنما يقتضي أن الله خلق خلقاً مفضولاً وكلف أفضل منه أن يذل له ، فكأنه قال : وهذا جور ، وذلك أن إبليس لما ظن أن النار أفضل من الطين ظن أن نفسه أفضل من آدم من النار يأكل الطين ، فقاس وأخطأ في قياسه ، وجهل أن الفضائل إنما هي حيث جعلها الله المالك للجميع لا رب غيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (33)

قوله : { لم أكن لأسجد } جُحود . وقد تقدم أنه أشد في النفي من ( لا أسجد ) في قوله تعالى : { ما يكون لي أن أقول } في آخر العقود [ المائدة : 116 ] .

وقوله : { لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون } تأييد لإبايَته من السجود بأن المخلوق من ذلك الطين حقِير ذميم لا يستأهل السجود . وهذا ضلال نشأ عن تحكيم الأوهام بإعطاء الشيء حكم وقعه في الحاسة الوهمية دون وقعه في الحاسة العقلية ، وإعطاء حكم ما منه التكوين للشيء الكائن . فشتّان بين ذكر ذلك في قوله تعالى للملائكة : { إني خالق بشراً من صلصال من حمإ مسنون } وبين مقصد الشيطان من حكاية ذلك في تعليل امتناعه من السجود للمخلوق منه بإعادة الله الألفاظ التي وصف بها الملائكة . وزاد فقال ما حكي عنه في سورة ص ( 76 ) إذ قال : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } ولم يحك عنه هنا .

وبمجموع ما حكي عنه هنا وهناك كان إبليس مصرحاً بتخطئة الخالق ، كافراً بصفاته ، فاستحق الطرد من عالم القدس . وقد بيناه في سورة ص .