فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (33)

{ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ( 33 ) }

{ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ } مستأنفة كالتي قبلها ، أي لا ينبغي لي ولا يصح مني ولا يليق بحالي ؛ فاللام لتأكيد النفي جعل لترك سجوده كون آدم بشرا مخلوقا { مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } زعما منه أنه مخلوق من عنصر نار ، وهي أشرف من عنصر آدم عليه السلام وهو الطين المتغير المنتن لأنها نيرة والطين كثيف مظلم .

وفيه إشارة إجمالية إلى كونه خيرا منه وقد صرح بذلك في موضع آخر فقال : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } وقال في موضع آخر : { أأسجد لمن خلقت طينا } ولم يدر الخبيث أن الفضل فيما فضله الله تعالى ، قال الكرخي : وحاصل كلامه أن كونه بشرا يشعر بكونه جسما كثيفا وهو كان روحانيا لطيفا فكأنه يقول البشر الجسماني الكثيف أدون حالا من الروحاني اللطيف فكيف يسجد الأعلى للأدنى .

وأيضا فآدم مخلوق من صلصال تولد من حمأ مسنون ، وهذا الأصل في غاية الدناءة وأصل إبليس هي النار وهي أشرف العناصر ، فكان أصل إبليس أشرف من أصل آدم والأشرف يقبح أن يؤمر بالسجود للأدون ، فهذا مجموع شبه إبليس