معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (6)

قوله تعالى : { فأخذتهم فكيف كان عقاب وكذلك حقت كلمة ربك } يعني : كما حقت كلمة العذاب على الأمم المكذبة حقت . { على الذين كفروا } من قومك { أنهم أصحاب النار } قال الأخفش : لأنهم أو بأنهم أصحاب النار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (6)

ثم بين - سبحانه - سنة من سننه التى لا تتخلف فقال :

{ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين كفروا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار } .

أى : وكما حقت كلمة ربك - أيها الرسول الكريم - ووجبت بإهلاك الأمم الماضية التى كذبت أنبياءها ، وجعلهم وقودا للنار ، فكذلك تكون سنتنا مع المكذبين لك من قومك ، إذا ما استمروا فى تكذيبهم لك ، ولم يعودوا إلى طريق الحق .

فالآيات الكريمة تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتحذير لمشركى قريش من الاستمرار فى غيهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (6)

وفي مصحف عبد الله بن مسعود : «كذلك سبقت كلمة » . والمعنى : كما أخذت أولئك المذكورين فأهلكتهم فكذلك حقت كلماتي على جميع الكفار من تقدم منهم ومن تأخر أنهم أهل النار وسكانها .

وقرأ نافع وابن عامر : «كلمات » على الجمع ، وهي قراءة الأعرج وأبي جعفر وابن نصاح وقرأ الباقون : «كلمة » على الإفراد وهي للجنس ، وهي قراءة أبي رجاء وقتادة ، وهذه كلها عبارة عن ختم القضاء عليهم .

وقوله : { أنهم } بدل من { كلمة } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (6)

الواو عاطفة على جملة { فكيف كان عِقَاب } [ غافر : 5 ] ، أي ومثل ذلك الحَقّ حقت كلمات ربك فالمشار إليه المصدَر المأخوذ من قوله : { حَقَّت كَلِماتُ رَبك } على نحو ما قرر غير مرة ، أولاها عند قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) ، وهو يفيد أن المشبه بلغ الغاية في وجه الشبه حتى لو أراد أحد أن يشبهه لم يشبهه إلا بنفسه .

ولك أن تجعل المشار إليه الأخْذَ المأخوذ من قوله : { فأخذتهم } [ غافر : 5 ] ، أي ومثل ذلك الأخذ الذي أخذ الله به قوم نوح والأحزابَ من بعدهم حقت كلمات الله على الذين كفروا ، فعلم من تشبيه تحقق كلمات الله على الذين كفروا بذلك الأخذِ لأن ذلك الأخذ كان تحقيقاً لكلمات الله ، أي تصديقاً لما أخبرهم به من الوعيد ، فالمراد بالذين كفروا } جميع الكافرين ، فالكلام تعميم بعد تخصيص فهو تذييل لأن المراد بالأحزاب الأمم المعهودة التي ذكرت قصصها فيكون { الذينَ كَفَروا } أعم . وبذلك يكون التشبيه في قوله : { وكذلك حقت كلمات ربك } جارياً على أصل التشبيه من المغايرة بين المشبه والمشبه به ، وليس هو من قبيل قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } [ البقرة : 143 ] ونظائره .

ويجوز أن يكون المراد ب { الذين كفروا } عين المراد بقوله آنفاً : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } [ غافر : 4 ] أي مثل أخذ قوم نوح والأحزاب حقت كلمات ربك على كفار قومك ، أي حقت عليهم كلمات الوعيد إذا لم يقلعوا عن كفرهم .

و ( كلمات الله ) هي أقواله التي أوحى بها إلى الرسل بوعيد المكذبين ، و { على الذين كفروا } يتعلق ب { حقت .

وقوله : { أنهم أصحابُ النَّار } يجوز أن يكون بدلاً من { كلمات ربك } بدلاً مطابقاً فيكون ضمير { أنَّهُم } عائد إلى { الذين كفروا } ، أي حق عليهم أن يكونوا أصحاب النار ، وفي هذا إيماء إلى أن الله غير معاقب أمة الدعوة المحمدية بالاستئصال لأنه أراد أن يخرج منهم ذرية مؤمنين .

ويجوز أن يكون على تقدير لام التعليل محذوفةٍ على طريقة كثرة حذفها قبل ( أنَّ ) . والمعنى : لأنهم أصحاب النار ، فيكون ضمير { أنَّهُم } عائداً إلى جميع ما ذكر قبله من قوم نوح والأحزاب من بعدهم ومن الذين كفروا .

وقرأ الجمهور { كلمة ربك } بالإِفراد . وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بصيغة الجمع ، والإِفراد هنا مساو للجمع لأن المراد به الجنس بقرينة أن الضمير المجرور ب ( على ) تعلق بفعل { حَقَّت } وهو ضمير جمع فلا جرم أن تكون الكلمة جنساً صادقاً بالمتعدد بحسب تعدد أزمان كلمات الوعيد وتعدد الأمم المتوعَّدة .