نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ} (6)

ولما كان التقدير : فحقت عليهم كلمة الله لأخذهم على هذا الجدال إنهم أصحاب النار التي جادلوا فيها ، عطف عليه قوله : { وكذلك } أي ومثل ما حقت عليهم كلمتنا بالأخذ ، فلم يقدروا على التفصي من حقوقها { حقت } بالأخذ والنكال { كلمت } وصرف الكلام إلى صفة الإحسان تلطفاً به صلى الله عليه وسلم وبشارة له بالرفق بقومه فقال : { ربك } أي المحسن إليك بجميع أنواع الإحسان فهو لا يدع أعداءك .

ولما كان السياق للمجادلة بالباطل وهي فتل الخصم من اعتقاده الحق ، وذلك تغطية للدليل الحق وتلبيس ، كان الحال أحق بالتعبير بالكفر الذي معناه التغطية فلذا قال تعالى : { على الذين كفروا } أي أوقعوا الكفر وقتاً ما كلهم سواء هؤلاء العرب وغيرهم ، لأن علة الإهلاك واحدة ، وهي التكذيب الدال على أن من تلبس به مخلوق للنار ، ثم أبدل من " الكلمة " فقال : { أنهم أصحاب النار * } أي من كفر في حين من الأحيان فهو مستحق للنار في الأخرى كما أنه مستحق للأخذ في الدنيا لا يبالي الله به بالة ، فمن تداركته الرحمة بالتوبة ، ومن أوبقته اللعنة بالإصرار هلك .