معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

{ وما يغني عنه ماله }الذي بخل به ، { إذا تردى }قال مجاهد : إذا مات . وقال قتادة وأبو صالح : هوى في جهنم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

و " ما " فى قوله - سبحانه - : { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى } يجوز أن تكون نافية . والتردى : السقوط من أعلى إلى أسفل . يقال : تردى فلان من فوق الجبل ، إذا سقط من أعلاه إلى أسفله ، والمراد به هنا : النزول إلى القبر بعد الموت ، أو السقوط فى النار بسبب الكفر والفسوق والعصيان ، من الردى بمعنى الهلاك .

أى : ولا يغنى شيئا عن هذا الشقى الذى بخل واستغنى وكذب بالحسنى ، ماله وجاهه وكل ما كان يملكه فى الدنيا ، إذا سقط يوم القيامة فى النار .

ويجوز أن تكون " ما " استفهامية : ويكون الاستفهام المقصود به الإِنكار والتوبيخ ، أى : وماذا يغنى عن هذا الشقى ماله بعد هلاكه ، وبعد ترديه فى جهنم يوم القيامة ؟ إنه لن يغنى عنه شيئا ماله الذى بخل به فى الدنيا ، بل سيهوى فى جهنم دون أن يشفع له شافع ، أو ينصره ناصر ، وصدق الله إذْ يقول : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } وإن يقول : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ . . . }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

وما يغني عنه ماله نفي أو استفهام إنكار إذا تردى هلك تفعل من الردى أو تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ} (11)

وجملة : { وما يغني عنه ماله إذا تردى } عطف على جملة { فسنيسره للعسرى } أي سنعجل به إلى جهنم . فالتقدير : إذا تردّى فيها .

والتردّي : السقوط من علوّ إلى سفل ، يعني : لا يغني عنه ماله الذي بخل به شيئاً من عذاب النار .

و { مَا } يجوز أن تكون نافية . والتقدير : وسَوْف لا يغني عنه ماله إذا سقط في جهنم ، وتحتمل أن تكون استفهامية وهو استفهام إنكار وتوبيخ . ويجوز على هذا الوجه أن تكون الواو للاستئناف . والمعنى : وما يغني عنه ماله الذي بخل به .

رَوى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس : « أنه كانت لرجل من المنافقين نخلة مائلة في دار رجل مسلم ذي عيال فإذا سقط منها ثمرٌ أكله صبيةٌ لذلك المسلم فكان صاحب النخلة ينزع من أيديهم الثمرة ، فشكا المسلم ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلم النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة أن يتركها لهم وله بها نخلة في الجنة فلم يفعل ، وسمع ذلك أبو الدحداح الأنصاري{[450]} فاشترى تلك النخلة من صاحبها بحائط فيه أربعون نخلة وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله اشترِها مني بنخلة في الجنة فقال : نعم والذي نفسي بيده ، فأعطاها الرجلَ صاحب الصبية " قال عكرمة قال ابن عباس : فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } [ الليل : 1 ] إلى قوله : { للعسرى } وهو حديث غريب ، ومن أجل قول ابن عباس : فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } قال جماعة : السورة مدنية وقد بينا في المقدمة الخامسة أنه كثيراً ما يقع في كلام المتقدمين قولهم : فأنزل الله في كذا قوله كذا ، أنهم يريدون به أن القصّة ممّا تشمله الآية . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كمْ من عَذْق رَدَاحْ في الجنة لأبي الدحداح " ولمح إليها بشار بن برد في قوله :

إن النُحيلة إذْ يميل بها الهوى *** كالعَذق مال على أبي الدحداح


[450]:- أبو الدحداح: ثابت بن الدحداح البلوي، حليف الأنصار، صحابي جليل، قتل في واقعة أحد، وقيل مات بعدها من جرح كان به حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهو الذي صاح يوم أحد لما أرجف المشركون بموت النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار إلي إلي أنا ثابت بن الدحداح إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم وناصركم.