التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا} (4)

فقوله - سبحانه - هنا : { وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً . . } معطوف على قوله قبل ذلك { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ } من باب عطف الخاص على العام لأن الانذار فى الآية الأولى يشمل جميع الكافرين ومن بينهم الذين نسبوا إلى الله - تعالى - الولد .

والمراد بهم اليهود والنصارى ، وبعض مشركى العرب ، قال - تعالى - { وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله } وقال - سبحانه - : { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } قال الألوسى : وترك - سبحانه - إجراء الموصول على الموصوف هنا ، حيث لم يقل وينذر الكافرين الذين قالوا . . كما قال فى شأن المؤمنين : ويبشر المؤمنين الذين . . للإِيذان بكفاية ما فى حيز الصلة فى الكفر على أقبح الوجوه . وإيثار صيغة الماضى فى الصلة ، للدلالة ، على تحقيق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سبق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا} (4)

{ وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا } خصهم بالذكر وكرر الإنذار متعلقا بهم استعظاما لكفرهم ، وإنما لم يذكر المنذر به استغناء بتقدم ذكره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا} (4)

وقوله { وينذر الذين قالوا اتخذ الله } الآية ، أهل هذه المقالة هم بعض اليهود في عزير ، والنصارى في المسيح ، وبعض العرب في الملائكة ، والضمير في { به } يحتمل أن يعود على القول الذي يتضمنه { قالوا } المتقدم ، وتكون جملة قوله { ما لهم به من علم } في موضع الحال ، أي قالوا جاهلين ، ويحتمل أن يعود على «الولد » الذي ادعوه ، فتكون الجملة صفة للولد ، قاله المهدوي ، وهو معترض لأنه لا يصفه إلا القائل ، وهم ليس في قصدهم أن يصفوه ، والصواب عندي أنه نفي مؤتنف أخبر الله تعالى بجهلهم في ذلك ، فلا موضع للجملة من الإعراب ، ويحتمل أن يعود على الله عز وجل ، وهذا التأويل أذم لهم وأقضى بالجهل التام عليهم ، وهو قول الطبري{[7742]} .


[7742]:ويحتمل أيضا أن يعود الضمير في [به] على "الاتخاذ" المفهوم من قوله تعالى: {اتخذ الله ولدا}، والمعنى: ما لهم بحكمة الاتخاذ من علم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا} (4)

تعليل آخر لإنزال الكتاب على عبده ، جعل تالياً لقوله : { لينذر بأساً شديداً من لدنه } [ الكهف : 2 ] باعتبار أن المراد هنا إنذار مخصوص مقابل لما بَشر به المؤمنين . وهذا إنذار بجزاء خالدين فيه وهو عذاب الآخرة ، فإن جَرَيْتَ على تخصيص البأس في قوله : { بأساً شديداً } [ الكهف : 2 ] بعذاب الدنيا كما تقدم كان هذا الإنذار مغايراً لما قبله ؛ وإن جريت على شمول البأس للعذابين كانت إعادة فعل { ينذر } تأكيدا ، فكان عطفه باعتبار أن لمفعوله صفة زائدة على معنى مفعول فِعل { ينذر } السابق يُعرف بها الفريق المنذرون بكلا الإنذارين ، وهو يُومىء إلى المنذرَين المحذوف في قوله : { لينذر بأساً شديداً } [ الكهف : 2 ] ويغني عن ذكره . وهذه العلة أثارتها مناسبه ذكر التبشير قبلها ، وقد حذف هنا المنذر به اعتماداً على مقابِلِه المبشر به .

والمراد ب{ الذين قالوا اتخذ الله ولداً } هنا المشركون الذين زعموا أن الملائكة بنات الله ، وليس المراد به النصارى الذين قالوا بأن عيسى ابن الله تعالى ، لأن القرآن المكي ما تعرض للرد على أهل الكتاب مع تأهلهم للدخول في العموم لاتحاد السبب .

والتعبير عنهم بالموصول وصلته لأنهم قد عُرفوا بهذه المقالة بين أقوامهم وبين المسلمين تشنيعاً عليهم بهذه المقالة ، وإيماء إلى أنهم استحقوا ما أنذروا به لأجلها ولغيرها ، فمضمون الصلة من موجبات ما أنذروا به لأن العلل تتعدد .

والولد : اسم لمن يولد من ذكر أو أنثى ، يستوي فيه الواحد والجمع . وتقدم في قوله : { قالوا اتخذ الله ولداً سبحانه } في سورة يونس ( 68 ) .