مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا} (4)

قوله تعالى :{ وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا . ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا . فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } في الآية مسائل :

المسألة الأولى : اعلم أن قوله تعالى : { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا } معطوف على قوله : { لينذر بأسا شديدا من لدنه } والمعطوف يجب كونه مغايرا للمعطوف عليه فالأول عام في حق كل من استحق العذاب . والثاني خاص بمن أثبت لله ولدا ، وعادة القرآن جارية بأنه إذا ذكر قضية كلية عطف عليها بعض جزئياتها تنبيها على كونه أعظم جزئيات ذلك الكلي كقوله تعالى : { وملائكته ورسله وجبريل وميكال } فكذا ههنا العطف يدل على أن أقبح أنواع الكفر والمعصية إثبات الولد لله تعالى .

المسألة الثانية : الذين أثبتوا الولد لله تعالى ثلاث طوائف . أحدها : كفار العرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله . وثانيها : النصارى حيث قالوا : المسيح ابن الله . وثالثها : اليهود الذين قالوا : عزير ابن الله ، والكلام في أن إثبات الولد لله كفر عظيم ويلزم منه محالات عظيمة قد ذكرناه في سورة الأنعام في تفسير قوله تعالى : { وخرقوا له بنين وبنات بغير علم } وتمامه مذكور في سورة مريم ، ثم إنه تعالى أنكر على القائلين بإثبات الولد لله تعالى من وجهين . الأول : قوله : { ما لهم به من علم ولا لآبائهم } .