معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّا يُسۡمِنُ وَلَا يُغۡنِي مِن جُوعٖ} (7)

ثم ذكر طعامهم فقال :{ ليس لهم طعام إلا من ضريع } قال مجاهد وعكرمة وقتادة : هو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض ، تسميه قريش الشبرق فإذا هاج سموها الضريع ، وهو أخبث طعام وأبشعه . وهو رواية العوفي عن ابن عباس . قال الكلبي : لا تقربه دابة إذا يبس . قال ابن زيد : أما في الدنيا فإن الضريع : الشوك اليابس الذي يبس له ورق ، وهو في الآخرة شوك من نار ، وجاء في الحديث عن ابن عباس : الضريع : شيء في النار شبه الشوك أمر من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حراً من النار . وقال أبو الدرداء ، والحسن : إن الله تعالى يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون فيغاثون بالضريع ، ثم يستغيثون فيغاثون بالضريع ، ثم يستغثون فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء ، فيستسقون ، فيعطشهم ألف سنة ، ثم يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة ولا مريئة ، فلما أدنوه من وجوههم ، سلخ جلود وجوههم وشواها ، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها فذلك قوله عز وجل : { وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم }( محمد- 15 ) . قال المفسرون : فلما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمن على الضريع ، وكذبوا في ذلك ، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطباً ، وتسمى شبرقاً فإذا يبس لا يأكله شيء . فأنزل الله { لا يسمن ولا يغني من جوع } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا يُسۡمِنُ وَلَا يُغۡنِي مِن جُوعٖ} (7)

وقوله - تعالى - : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ . لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ

والضريع : هو شجر فى النار يشبه الشوك ، فيه ما فيه من المرارة والحرارة وقبح الرائحة .

وقوله : { يسمن } من السِّمَن - بكسر السين وفتح الميم - وهو وفرة اللحم والشحم فى الحيوان وغيره . يقال : فلان أسمنه الطعام ، إذا عاد عليه بالسمن .

وقوله : { يغنى } من الإِغناء ودفع الحاجة ، يقال : أغنانى هذا الشئ عن غيره ، إذا كفاه واستغنى به عن سواه . أى : أن أصحاب هذه الوجوه التعيسة بجانب شرابهم من الماء البالغ النهاية فى الحرارة ، لهم - أيضا - طعام من أقبح الطعام وأردئه وأشنعه وأشده مرارة . . هذا الطعام لا يأتى بسمن ، ولا يغنى من جوع ، بل إن آكله ليزدرده رغما عنه .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد أخبر عن أصحاب هذه الوجوه الشقية بجملة من الأخبار المحزنة المؤلمة ، التى منها ما يتعلق بهيئاتهم ، ومنها ما يتعلق بأحوالهم ، ومنها ما يتعلق بشرابهم ، ومنها ما يتعلق بطعامهم .

ووصف - سبحانه - طعامهم بأنه لا يسمن ولا يغنى من جوع ، لزيادة تقبيح هذا الطعام ، وأنه شر محض ، لا مكان لأية فائدة معه .

قال صاحب الكشاف : الضريع : اليابس من نبات الشبرق ، وهو جنس من الشوك ، ترعاه الإِبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته الإِبل وهو سم قاتل . .

فإن قلت : كيف قيل : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } وفى الحاقة { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } قلت : العذاب ألوان ، والمعذبون طبقات ، فمنهم : أكله الزقوم ، ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع .

والضريع : منفعتا الغذاء منفيتان عنه : وهما إماطة الجوع ، وإفادة القوة والسمن فى البدن . أو أريد : أن لا طعام لهم أصلا ، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم ، فضلا عن الإِنس ، لأن الطعام ما أشبه أو أسمن ، وهما منه بمعزل ، كما تقول : ليس لفلان ظل إلى الشمس . نريد : نفى الظل على التوكيد . .

وبعد هذا الحديث المؤثر عن الكافرين وسوء عاقبتهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا يُسۡمِنُ وَلَا يُغۡنِي مِن جُوعٖ} (7)

كما قال الله تعالى لا يسمن ولا يغني من جوع والمقصود من الطعام أحد الأمرين .