قوله : { لاَّ يُسْمِنُ } : قال الزمخشري : " مرفوعُ المحلِّ أو مجرورهُ على وصفِ طعامٍ أو ضَريع " . قال الشيخ : " إمَّا وَصْفُه ل ضريعٍ ، فيصِحُّ ؛ لأنه مثبتٌ نفى عنه السِّمَنَ والإِغناءَ من الجوع . وأمَّا رفعُه على وصفِه لطعام فلا يَصِحُّ ؛ لأنَّ الطعامَ منفيٌّ و " يُسْمِنُ " منفيٌّ فلا يَصِحُّ تركيبُه ؛ لأنه يَصيرُ التقدير : ليس لهم طعامٌ لا يُسْمِنُ ولا يُغني مِنْ جمعٍ إلاَّ مِنْ ضريع ، فيصير المعنى : أنَّ لهم طعاماً يُسْمِنُ ويُغْني من جوعٍ إلاَّ مِنْ غيرِ الضَّريع ، كما تقول : " ليس لزيدٍ مالٌ لا يُنتفع به إلاَّ مِنْ مال عمروٍ " فمعناه : أنَّ له مالاً يُنتفع به مِنْ غيرِ مالِ عمروٍ " . قلت : وهذا لا يَرِدُ لأنه على تقدير تَسْليم القول بالمفهوم مَنَعَ منه مانعٌ وهو السياقُ ، وليس كلُّ مفهوم معمولاً به . وأمَّا المثالُ الذي نظَّر به فصحيحٌ ، لكنه لا يمنع منه مانعٌ كالسِّياق في الآيةِ الكريمة . ثم قال الشيخ : " ولو قيل : الجملةُ في موضعِ رفع صفةً للمحذوفِ المقدَّرِ في " إلاَّ مِنْ ضريعٍ " كان صحيحاً ؛ لأنه في موضعِ رفعٍ ، على أنَّه بدلٌ من اسم ليس ، أي : ليس لهم طعامٌ إلاَّ كائنٌ مِن ضَريعٍ ، أو إلاَّ طعامٌ مِنْ ضريعٍ غيرِ مُسَمِّنٍ ولا مُغْنٍ مِنْ جوعٍ ، وهذا تركيبٌ صحيحٌ ومعنى واضحٌ " .
وقال الزمخشري أيضاً : " أو أُريد أَنْ لا طعامَ لهم أصلاً ؛ لأنَّ الضَّريعَ ليس بطعامٍ للبهائمِ فضلاً عن الإِنس ؛ لأنَّ الطعامَ ما أَشْبَع أو أَسْمَنَ ، وهو عنهما بمَعْزِلٍ كما تقول : " ليس لفلانٍ ظلٌّ إلاَّ الشمسُ " تريد نَفْيَ الظلِّ على التوكيد " . قال الشيخ : " فعلى هذا يكونُ استثناءً منقطعاً ، إذ لم يندَرِجْ الكائنُ مِن الضَّريع تحت لفظِ " طعام " إذ ليس بطعامٍ ، والظاهرُ الاتصالُ فيه وفي قولِه { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [ الحاقة : 36 ] قلت : وعلى قولِ الزمخشري المتقدمِ لا يَلْزَمُ أَنْ يكونَ منقطعاً ؛ إذ المرادُ نفيُ الشيءِ بدليلِه ، أي : إن كان لهم طعامٌ فليس إلاَّ هذا الذي لا يَعُدُّه أحدٌ طعاماً ومثلُه " ليس له ظلٌّ إلاَّ الشمسُ " وقد مضى تحقيقُ هذا عند قولِه :
{ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى }
ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهُمْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.