قال الزمخشريُّ{[59979]} : مرفوع المحل ، أو مجرور على وصف طعام ، أو ضريع » .
قال أبو حيان{[59980]} : «أما وصفه ب«ضريع » فيصح ؛ لأنه نبت نفي عنه السمن ، والإغناء من الجوع وأمَّا رفعه على وصفه الطعام ، فلا يصح ؛ لأن الطعام منفي ، والسمن منفي ، فلا يصح تركيبه ؛ لأنه يصير التقدير : ليس لهم طعام لا يسمن ، ولا يغني من جوع إلا من ضريع ، فيصير المعنى : أن لهم طعاماً يسمن ويغني من جوع من غير الضريع ، كما تقول : ليس لزيد مال لا ينتفع به إلا من مال عمرو ، فمعناه : أن له مالاً لا ينتفع به من غير مال عمرو » .
قال شهاب الدين{[59981]} : وهذا لا يرد ؛ لأنه على تقدير تسليم القول بالمفهوم ، وقد منع منه مانع ، كالسياق في الآية الكريمة .
ثم قال أبو حيَّان{[59982]} : ولو قيل : الجملة في موضع رفع صفة للمحذوف المقدر في : «إلاَّ من ضريع » ، كان صحيحاً ؛ لأنه في موضع رفع ، على أنه بدل من اسم ليس ، أي : ليس لهم طعام إلاَّ كائن من ضريع ؛ إذ لا طعام من ضريع غير مسمنٍ ، ولا مغنٍ من جوع ، وهذا تركيب صحيح ، ومعنى واضح .
وقال الزمخشريُّ{[59983]} أيضاً : «أو أريد لا طعام لهم أصلاً ؛ لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنس ؛ لأن الطعام ما أشبع ، أو أسمن ، وهو عنهما بمعزل ، كما تقول : ليس لفلان إلا ظلّ إلا الشمس ، تريد نفي الظل على التوكيد » .
قال أبو حيَّان{[59984]} : فعلى هذا يكون استثناء منقطعاً ؛ لأنه لم يندرج الكائن من الضريع تحت لفظ طعام ، إذ ليس بطعام ، والظاهر : الاتصال فيه ، وفي قوله تعالى : { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [ الحاقة : 36 ] .
قال شهابُ الدين{[59985]} : وعلى قول الزمخشري المتقدم لا يلزم أن يكون منقطعاً ، إذ المراد نفي الشيء بدليله أي : إن كان لهم طعام ، فليس إلا هذا الذي لا يعده أحد طعاماً ، ومثله : ليس له ظل إلا الشمس وقد مضى تحقيق هذا عند قوله تعالى : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى }{[59986]} [ الدخان : 56 ] وقوله : [ الطويل ]
5184- ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ *** . . . {[59987]}
المعنى : أن طعامهم ليس من جنس طعام الإنس ؛ لأنه نوع من أنواع الشوك ، والشوك مما ترعاه الإبلُ ، وهذا النوع مما تنفر عنه الإبل ، فإذن منفعة الغذاء منتفية عنه ، وهما : إماطة الجوع ، وإفادة القوة والسمن في البدن أو يكون المعنى : ليس لهم طعام أصلاً ؛ لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنسان ؛ لأن الطعام ما أشبع أو أسمن .
قال المفسرون : لما نزلت هذه الآية ، قال المشركون : إن إبلنا لتسمن بالضريع ، فنزلت : { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } وكذا فإن الإبل ترعاه رطباً ، فإذا يبس لم تأكله .
وقيل : اشتبه عليهم أمره ، فظنوه كغيره من النَّبتِ النافع ؛ لأن المضارعة المشابهة ، فوجدوه لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيكون المعنى : أن طعامهم من ضريعٍ لا يسمن من جنس ضريعكم ، إنما هو من ضريع غير مسمن ، ولا مغن من جوع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.