فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّا يُسۡمِنُ وَلَا يُغۡنِي مِن جُوعٖ} (7)

ثم وصف سبحانه الضريع فقال : { لا يسمن ولا يغني من جوع } أي لا يسمن الضريع آكله ولا يدفع عنه ما بابه من الجوع يعني هما منفعتا الغذاء وكلاهما منتفيان عنه .

قال المفسرون : لما نزلت ليس لهم طعام إلخ قال المشركون إن إبلنا تسمن من الضريع فنزلت { لا يسمن ولا يغني من جوع } وكذبوا في قولهم هذا فإن الإبل لا تأكل الضريع ولا تقربه ، وقيل اشتبه عليهم أمره فظنوه كغيره من النبات النافع .

قال أبو السعود وتحقيق ذلك أن جوعهم وعطشهم ليسا من قبيل ما هو المعهود منهما في هذه النشأة من حالة عارضة للإنسان عند استدعاء الطبيعة إلى المطعوم والمشروب بحيث يلتذ بهما عند الأكل والشرب ، ويستغني بهما عن غيرهما عند استقرارهما في المعدة ويستفيد منهما قوة وسمنا عند انهضامهما ، بل جوعهم عبارة عن اضطرارهم عند إضرام النار في أحشائهم إلى إدخال شيء كثيف يملؤها ويخرج ما فيها من اللهب ، وأما أن يكون لهم شوق إلى مطعوم ما أو التذاذ به عند الكل واستغناء به عن الغير أو استفادة قوة فهيهات .

وكذا عطشهم عبارة عن أكل الضريع والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد يطفئه من غير أن يكون لهم التذاذ بشربه أو استفادة قوة في الجملة ، وهو المعنى بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرهم إلى أكل الضريع . فإذا أكلوه يسلط عليهم العطش فيضطرهم إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم ويقطع أمعاءهم .

وتنكير الجوع للتحقير أي لا يغني من جوع ما .