التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (34)

وكما افتتح - سبحانه - هذه الصفات الكريمة بمدح الذين هم على صلاتهم دائمون ، فقد ختمها بمدح الذين يحافظون عليها فقال : { والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } أى : يؤدونها كاملة غير منقوصة . لافى خشوعها ، ولا فى القراءة فيها ، ولا فى شئ من أركانها وسننها .

وهذا الافتتاح والختام ، يدل على شرفها وعلو قدرها ، واهتمام الشارع بشأنها .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قال : { على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } ثم { على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ؟ قلت : معنى دوامهم عليها ، أن يواظبوا على أدائها ، لا يخلون بها ، ولا يشتغلون عنها بشئ من الشواغل .

ومحافظتهم عليها : أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ، ومواقيتها ، وسننها ، وآدابها . . فالدوام يرجع إلى نفس الصلاة ، والمحافظة تعود إلى أحوالها .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هؤلاء المؤمنين الصادقين ، الذين حماهم - سبحانه - من صلة الهلع . . وصفهم بثمانى صفات كريمة ، منها : المداومة على الصلاة ، والمحافظة على الإِنفاق فى وجوه الخير ، والتصديق بيوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب ، والحفظ لفروجهم ، وأداء الأمانات والشهادات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (34)

ثم قال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } {[29332]} أي : على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها ، فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها ، فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها ، كما تقدم في أول سورة : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ؛ سواء لهذا قال هناك : { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 10 ، 11 ] وقال هاهنا : { أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }


[29332]:- (5) في أ : "على صلاتهم".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (34)

وقوله : { والذين هم على صلاتهم يحافظون } ثناء عليهم بعنايتهم بالصلاة من أن يعتريها شيء يخل بكمالها ، لأن مادة المفاعلة هنا للمبالغة في الحفظ مثل : عافاه الله ، وقاتله الله ، فالمحافظة راجعة إلى استكمال أركان الصلاة وشروطها وأوقاتها . وإيثار الفعل المضارع لإِفادة تجدد ذلك الحفاظ وعدم التهاون به ، وبذلك تعلم أن هذه الجملة ليست مجرد تأكيد لجملة { الذين هم على صلاتهم دائمون } بل فيها زيادة معنى مع حصول الغرض من التأكيد بإعادة ما يفيد عنايتهم بالصلاة في كلتا الجملتين .

وفي الأخبار النبوية أخبار كثيرة عن فضيلة الصلاة ، وأن الصلوات تكفر الذنوب كحديث « مَا يُدريكم ما بَلَغتْ به صلاته »

وقد حصل بين أخرى هذه الصلات وبين أولاها محسن رد العجز على الصدر .

وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله : { والذين هم على صلاتهم يحافظون } يفيد تقوية الخبر مع إفادة التجدد من الفعل المضارع .