معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

قوله تعالى : { وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا } قرأ ابن عامر ، ويعقوب : سادتنا بكسر التاء وألف قبلها على جمع الجمع ، وقرأ الآخرون بفتح التاء بلا ألف قبلها . { وكبراءنا فأضلونا السبيلا* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

{ وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا } ، أى : وقال هؤلاء الكافرون - بعد هذا التحسر والتفجع - يا ربنا إنا أطعنا فى الدنيا { سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا } أى : ملوكنا ورؤساءنا وزعماءنا ، فجعلونا فى ضلال عن الصراط المستقيم ، وعن السبيل الحق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

63

ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على سادتهم وكبرائهم ، الذين أضلوهم ، وبالإنابة إلى الله وحده ، حيث لا تنفع الإنابة :

( وقالوا : ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) . . هذه هي الساعة . ففيم السؤال عنها ? إن العمل لها هو المخلص الوحيد من ذا المصير المشؤوم فيها !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

ثم لاذوا بالتشكي من كبرائهم في أنهم أضلوهم ، وقرأ جمهور الناس «سادتنا » وهو جمع سيد ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وابن عامر وحده من السبعة وأبو عبد الرحمن وقتادة وأبو رجاء والعامة في المسجد الجامع بالبصرة «ساداتنا » على جمع الجمع ، و { السبيلا } مفعول ثان لأن «أضل » معدى بالهمزة ، وضل يتعدى إلى مفعول واحد فيما هو مقيم كالطريق والمسجد وهي سبيل الإيمان والهدى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

عطف على جملة { يقولون } [ الأحزاب : 66 ] فهي حال . وجيء بها في صيغة الماضي لأن هذا القول كان متقدماً على ولهم : { يا ليتنا أطعنا الله } [ الأحزاب : 66 ] ، فذلك التمني نشأ لهم وقت أن مسّهم العذاب ، وهذا التنصل والدعاء اعتذروا به حين مشاهدة العذاب وحشرهم مع رؤسائهم إلى جهنم ، قال تعالى : { حتى إذا داركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون } [ الأعراف : 38 ] . فدل على أن ذلك قبل أن يمسهم العذاب بل حين رُصفوا ونسقوا قبل أن يصبّ عليهم العذاب ويطلق إليهم حرّ النار .

والابتداء بالنداء ووصف الربوبية إظهار للتضرع والابتهال . والسادة : جمع سَيِّد . قال ابو علي : وزنه فَعَلة ، أي مثل كَمَلة لكن على غير قياس لأن صيغة فَعَلَة تطَّرد في جمع فاعل لا في جمع فَيْعِل ، فقلبت الواو ألفاً لانفتاحها وانفتاح ما قبلها . وأما السادات فهو جمع الجمع بزيادة ألف وتاء بزنة جمع المؤنث السالم . والسادة : عظماء القوم والقبائل مثل الملوك .

وقرأ الجمهور { سادتنا } . وقرأ ابن عامر ويعقوب { ساداتِنا } بألف بعد الدال وبكسر التاس لأنه جمع بألف وتاء مزيدتين على بناء مفرده . وهو جمع الجمع الذي هو سادة . والكبراء : جمع كبير وهو عظيم العشيرة ، وهم دون السادة فإن كبيراً يطلق على راس العائلة فيقول المرء لأبيه : كبيري ، ولذلك قوبل قولهم : { يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } [ الأحزاب : 66 ] بقولهم : { أطعنا سادتنا وكبراءنا } . وجملة { إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا } خبر مستعمل في الشكاية والتذمر ، وهو تمهيد لطلب الانتصاف من سادتهم وكبرائهم . فالمقصود الإِفضاء إلى جملة { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } . ومقصود من هذا الخبر ايضاً الاعتذار والتنصل من تَبِعة ضلالهم بأنهم مغرورون مخدوعون ، وهذا الاعتذار مردود عليهم بما أنطقهم الله به من الحقيقة إذ قالوا : { إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا } فيتجه عليهم أن يقال لهم : لماذا أطعتموهم

حتى يغروكم ، وهذا شأن الدهماء أن يسوِّدوا عليهم من يُعجبون بأضغاث أحلامه ، ويُغَرُّون بمعسول كلامه ، ويسيرون على وقع أقدامه ، حتى إذا اجتنوا ثمار أكمامه ، وذاقوا مراراة طعمه وحرارة أُوامه ، عادوا عليه باللائمة وهم الأحقاء بملامه . وحرف التوكيد لمجرد الاهتمام لا لرد إنكار ، وتقديم قولهم : { إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا } اهتمام بما فيه من تعليل لمضمون قولهم : { فأضلونا السبيلا } لأن كبراءهم ما تأتَّى لهم إضلالهم إلا بتسبب طاعتهم العمياء إياهم واشتغالهم بطاعتهم عن النظر والاستدلال فيما يدعونهم إليه من فساد ووخامة مغبّة . وبتسبب وضعهم أقوالَ سادتهم وكبرائهم موضع الترجيح على ما يدعوهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم .

وانتصل { السبيلا } على نزع الخافض لأن أضل لا يتعدّى بالهمزة إلا أن مفعول واحد قال تعالى : { لقد أضلني عن الذكر } [ الفرقان : 29 ] . وظاهر « الكشاف » أنه يتعدّى إلى مفعولين ، فيكون ( ضل ) المجرد يتعدى إلى مفعول واحد .

تقول : ضللت الطريق ، و( ضل ) يتعدى بالهمزة إلى مفعولين . وقاله ابن عطية . والقول في ألف { السبيلا } كالقول في ألف { الرسولا } [ الأحزاب : 66 ] .