فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠} (67)

{ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا } وقرئ ساداتنا بكسر التاء جمع سادة فهو جمع الجمع وسادة جمع على غير قياس سواء جعل لسيد أو سائد والجملة معطوفة على الجملة الأولى ، و العدول إلى الماضي للإشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا كقولهم السابق ، بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين ألقوهم في تلك الورطة ، والمراد بالسادة والكبراء هم الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ، ويقتدون بهم . وقال مقاتل : هم المطعمون في غزوة بدر والأول أولى . ولا وجه للتخصيص بطائفة معينة ، والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار ، وإلا فهم في مقام التحقير والإهانة .

وفي هذا زجر عن التقليد شديد ، وكم في الكتاب العزيز من التنبيه على هذا والتحذير منه والتنفير عنه ولكن لمن يفهم معنى كلام الله ويقتدي به وينصف من نفسه لا لمن هو من جنس الأنعام في سوء الفهم ، ومزيد البلادة ، وشدة التعصب .

{ فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا } أي عن السبيل بما زينوا لنا من الكفر بالله وبرسله والسبيل هو التوحيد ، ثم دعوا عليهم في ذلك الموقف فقالوا : { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ }