معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

{ فقتل } لعن ، وقال الزهري : عذب ، { كيف قدر } على طريق التعجب والإنكار والتوبيخ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

وقوله - سبحانه - : { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ . ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } تعجيب من تفكيره وتقديره ، وذم شديد له على هذا التفكير السَّيِّئ . .

أى : إنه فكر مليا ، وهيأ نفسه طويلا للنطق بما يقوله فى حق الرسول صلى الله عليه وسلم وفى قح القرآن ، { فقتل } أى : فلعن ، أو عذب ، وهو دعاء عليه { كَيْفَ قَدَّرَ } أى : كيف فكر هذا التفكير العجيب البالغ النهاية فى السوء والقبح .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

11

ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه ! ويعصر أعصابه ! ويقبض جبينه ! وتكلح ملامحه وقسماته . . كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن ، وليجد قولا يقوله فيه :

( إنه فكر وقدر . فقتل ! كيف قدر ? ثم قتل ! كيف قدر ? ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال : إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر ) . .

لمحة لمحة . وخطرة خطرة . وحركة حركة . يرسمها التعبير ، كما لو كانت ريشة تصور ، لا كلمات تعبر ، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة ! ! !

لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء( فقتل ! )واستنكار كله استهزاء ( كيف قدر ? )ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

وقوله تعالى مخبراً عن الوليد { إنه فكر وقدر } الآية ، روى جمهور المفسرين أن الوليد سمع من القرآن ما أعجبه ومدحه ، ثم سمع كذلك مراراً حتى كاد أن يقارب الإسلام ، ودخل إلى أبي بكر الصديق مراراً ، فجاءه أبو جهل فقال : يا وليد ، أشعرت أن قريشاً قد ذمتك بدخولك إلى ابن أبي قحافة وزعمت أنك إنما تقصد أن تأكل طعامه ، فقد أبغضتك لمقاربتك أمر محمد ، وما يخلصك عندهم إلا أن تقول في هذا الكلام قولاً يرضيهم ، ففتنه أبو جهل فافتتن ، وقال : افعل ذلك ثم فكر فيما عسى أن يقول في القرآن ، فقال : أقول شعر ما هو بشعر ، أقول هو كاهن ؟ ما هو بكاهن ، أقول هو { سحر يؤثر } هو قول البشر{[11424]} ، أي لبس منزل من عند الله قال أكثر المفسرين .

فقوله تعالى : { فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر } هو دعاء عليه وتقبيح لحاله أي أنه ممن يستحق ذلك .

وروي عن الزهري وجماعة غيره أو الوليد حاج أبا جهل وجماعة من قريش في أمر القرآن وقال : والله إن له لحلاوة وإن أصله لعذق{[11424]} وإن فرعه لجناة{[2]} وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو ولا يعلى ونحو هذا من الكلام فخالفوه فقالوا له : هو شعر ، فقال والله ما هو بشعر ، ولقد عرفنا الشعر هزجه وبسيطه{[3]} ، قالوا : فهو كاهن ، قال والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان وزمزمتهم{[4]} ، قالوا : هو مجنون ، قال : والله ما هو بمجنون ، ولقد رأينا المجنون وخنقه{[5]} ، قالوا : هو سحر ، قال أما هذا فيشبه أنه سحر ويقول أقوال نفسه{[6]} .

قال القاضي أبو محمد : فيحتمل قوله تعالى : { فقتل كيف قدر } أن يكون دعاء عليه على معنى تقبيح حاله ، ويحتمل أن يكون دعاء مقتضاه استحسان منزعه{[7]} الأول ومدحه القرآن ، وفي نفيه الشعر والكهانة والجنون عنه فيجري هذا مجرى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي جندل بن سهيل : «ويل أمه مسعر حرب »{[8]} ، ومجرى قول عبد الملك بن مروان : قاتل الله كثيراً كأنه رآنا حين قال كذا{[9]} ، وهذا معنى مشهور في كلام العرب .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
[5]:- من الآية رقم (7) من سورة آل عمران.
[6]:- رواه الترمذي وصححه، والإمام أحمد ولفظه: (الحمد لله أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني)، وهذا الحديث يرد على القولين معا.
[7]:- رواه الإمام أحمد، والترمذي وصححه، والنسائي، ونص الترمذي: (والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها. وإنها السبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته)، وقد يكون هذا الحديث سندا لما اعتاده الناس من قراءة الفاتحة، وقد أخرج أبو الشيخ في الثواب عن عطاء قال: إذا أردت حاجة فاقرأ فاتحة الكتاب حتى تختمها تقض إن شاء الله، نقله الجلال السيوطي. وللغزالي في الانتصار ما نصه: فاستنزل ما عند ربك وخالقك من خير، واستجلب ما تؤمله من هداية وبر، بقراءة السبع المثاني المأمور بقراءتها في كل صلاة، وتكرارها في كل ركعة، وأخبر الصادق المصدوق أن ليس في التوراة ولا في الإنجيل والفرقان مثلها، قال الشيخ زروق: وفيه تنبيه بل تصريح أن يكثر منها لما فيها من الفوائد والذخائر. انتهى.
[8]:- رواه عبد الله بن حميد في مسنده، والفريابي في تفسيره عن ابن عباس بسند ضعيف.
[9]:- من الناس من يذهب إلى أن هذا من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، ومنهم الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، قال ابن عبد البر: السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام وأسلم. وحديث : (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) رواه الإمام مالك في الموطأ، والبخاري، والترمذي، وروى الترمذي عن أنس وابن عباس قالا: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن). ومن الناس من يؤول ذلك باعتبار المعاني التي تشتمل عليها، وقد أشار المؤلف رحمه الله إلى هذين القولين، ويشير بذلك إلى أنه لا تفاضل بين كلام الله لأنه صفة ذاتية، وإنما التفاضل في المعاني باعتبار الأجر والثواب. والله أعلم.
[11424]:ذكره الواحدي بسنده في "أسباب النزول" عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل.

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول: فلعن {كيف قدر} السحر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فَقُتِلَ كَيْفَ قَدّرَ" يقول: لعن كيف قدّر النازل فيه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

لعن، واللعن، هو الإبعاد عن رحمة الله تعالى، وقد ظهر الإبعاد لأن مادة ماله قد انقطعت في الدنيا، وأخذ ما كان اجتمع عنده في الانتقاص إلى أن أهلكه الله تعالى، ثم ساقه إلى النار خالدا فيها.

وقوله تعالى: {كيف قدّر} أي كيف لم يستحي من تقديره الذي من تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم ساحرا، وقد علم أنه في إنشائه ذلك الاسم كاذب.

أو كيف اجترأ على الله تعالى، وتجاسر، وهو يعلم أنه رسول حق، فعاند آياته، واجترأ على ذلك، ولم يخف نقمة الله عز وجل.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

قال الزهري: عُذّب.

{كَيْفَ قَدَّرَ} على طريق التعجّب والإنكار والتوبيخ.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

أي: عوقب ثم عوقب، فيكون العقاب تكرر عليه مرة بعد أخرى.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هو دعاء عليه وتقبيح لحاله أي أنه ممن يستحق ذلك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فقتل} أي هلك ولعن وطرد في دنياه هذه.

ولما كان التقدير غاية التفكير، وكان التفكير ينبغي أن يهديه إلى الصواب فقاده إلى الغي، عجب منه فقال منكراً عليه معبراً بأداة الاستفهام إشارة إلى أنه مما يتعجب منه ويسأل عنه: {كيف قدر} أي على أي كيفية أوقع تقديره هذا، وإذا أنكر مطلق الكيفية لكونها لا تكاد لبطلانها تتحقق، كان إنكار الكيف أحق.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 18]

ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه! ويعصر أعصابه! ويقبض جبينه! وتكلح ملامحه وقسماته.. كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن، وليجد قولا يقوله فيه:

(إنه فكر وقدر. فقتل! كيف قدر؟ ثم قتل! كيف قدر؟ ثم نظر. ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر. فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر. إن هذا إلا قول البشر).

لمحة لمحة. وخطرة خطرة. وحركة حركة. يرسمها التعبير، كما لو كانت ريشة تصور، لا كلمات تعبر، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة!

لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء (فقتل!) واستنكار كله استهزاء (كيف قدر؟) ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار.