البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (19)

{ وقدر } : أي في نفسه ما يقول فيه .

{ فقتل كيف قدر } ، قتل : لعن ، وقيل : غلب وقهر ، وذلك من قوله :

لسهميك في أعسار قلب مقتل . . .

أي مذلل مقهور بالحب ، فلعن دعاء عليه بالطرد والإبعاد وغلب ، وذلك إخبار بقهره وذلته ، و { كيف قدر } معناه : كيف قدر ما لا يصح تقديره وما لا يسوغ أن يقدره عاقل ؟ وقيل : دعاء مقتضاه الاستحسان والتعجب .

فقيل ذلك لمنزعه الأول في مدحه القرآن ، وفي نفيه الشعر والكهانة والجنون عنه ، فيجري مجرى قول عبد الملك بن مروان : قاتل الله كثيراً ، كأنه رآنا حين قال كذا .

وقيل : ذلك لإصابته ما طلبت قريش منه .

وقيل : ذلك ثناء عليه على جهة الاستهزاء .

وقيل : ذلك حكاية لما كرروه من قولهم : قتل كيف قدّر ، تهكماً بهم وبإعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله ، وهذا فيه بعد .

وقولهم : قاتلهم الله ، مشهور في كلام العرب أنه يقال عند استعظام الأمر والتعجب منه ، ومعناه : أنه قد بلغ المبلغ الذي يحسد عليه ويدعى عليه من حساده ، والاستفهام في { كيف قدر } في معنى : ما أعجب تقديره وما أغربه ، كقولهم : أي رجل زيد ؟ أي ما أعظمه .