والمراد بعاد : قوم هود - عليه السلام - الذين اغتروا بقوتهم ، وكذبوا نبيهم ، فأخذهم - سبحانه - أخذ عزيز مقتدر .
{ وَفِرْعَوْنُ } هو الذى أرسل الله إليه موسى - عليه السلام - فكذبه وقال لقومه { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخرة والأولى } { وَإِخْوَانُ لُوطٍ } هم قومه الذين أتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها . قالوا : ووصفهم الله - تعالى - بأنهم إخوانه ، لأنه كانت ترطبه بهم رابطة المصاهرة حيث إن امرأته - عليه السلام - كانت منهم .
ثم يعقب بعرض صفحات من كتاب التاريخ البشري بعد عرض تلك الصفحات من كتاب الكون ، تنطق بمآل المكذبين الذين ماروا كما يماري هؤلاء المشركون في قضية البعث ، وكذبوا كما يكذبون بالرسل ، فحق عليهم وعيد الله الذي لا مفر منه ولا محيد :
( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ، وعاد وفرعون وإخوان لوط ، وأصحاب الأيكة ، وقوم تبع . كل كذب الرسل فحق وعيد . أفعيينا بالخلق الأول ? بل هم في لبس من خلق جديد ) . .
والرس : البئر : المطوية غير المبنية . والأيكة : الشجر الملتف الكثيف . وأصحاب الأيكة هم - في الغالب - قوم شعيب . أما أصحاب الرس فلا بيان عنهم غير هذه الإشارة . وكذلك قوم تبع . وتبع لقب لملوك حمير باليمن . وبقية الأقوام المشار إليهم هنا معروفون لقاريء القرآن .
وواضح أن الغرض من هذه الإشارة السريعة ليس تفصيل أمر هذه الأقوام . ولكنه إيقاع على القلوب بمصارع الغابرين . حين كذبوا الرسل . والذي يلفت النظر هو النص على أن كلا منهم كذب الرسل : ( كل كذب الرسل فحق وعيد ) . وهي لفتة مقصودة لتقرير وحدة العقيدة ووحدة الرسالة . فكل من كذب برسول فقد كذب بالرسل أجمعين ؛ لأنه كذب بالرسالة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعون . والرسل إخوة وأمة واحدة وشجرة ضاربة الجذور في أعماق الزمان ، وكل فرع من تلك الشجرة تلخيص لخصائصها ، وصورة منها . ومن يمس منها فرعا فقد مس الأصل وسائر الفروع . . ( فحق وعيد )ونالهم ما يعرف السامعون !
وعُبّر عن قوم لوط ب { إخوان لوط } ولم يكونوا من قبيله ، فالمراد ب { إخوان } أنهم ملازمون وهم أهل سدوم وعمورة وقُراهما وكان لوط ساكناً في سَدوم ولم يكن من أهل نسبهم لأن أهل سدوم كنعانيون ولوطاً عبراني . وقد تقدم قوله تعالى : { إذ قال لهم أخوهم لوط } في سورة الشعراء ( 161 ) . وذُكر قوم تبع وهم أهل اليمن ولم يكن العرب يعدونهم عربا .
وهذه الأمم أصابها عذاب شديد في الدنيا عقاباً على تكذيبهم الرسل . والمقصود تسلية رسول الله ، والتعريضُ بالتهديد لقومه المكذّبين أن يحل بهم ما حلّ بأولئك .
والرس : يطلق اسماً للبئر غير المطوية ويطلق مصدراً للدفن والدسّ . واختلف المفسرون في المراد به هنا . وأصحاب الرس } قوم عرفوا بالإضافة إلى الرس ، فيحتمل أن إضافتهم إلى الرسّ من إضافة الشيء إلى موطنه مثل { أصحاب الأيْكة } ، و { أصحاب الحجر } [ الحجر : 80 ] و { أصحاب القرية } [ يس : 13 ] . ويجوز أن تكون إضافةً إلى حدث حلّ بهم مثل { أصحاب الأخدود } [ البروج : 4 ] . وفي تعيين { أصحاب الرس } أقوال ثمانية أو تسعة وبعضها متداخل .
وتقدم الكلام عليهم في سورة الفرقان . والأظهر أن إضافة { أصحاب } إلى { الرسّ } من إضافة اسم إلى حدث حدث فيه فقد قيل : إن أصحاب الرسّ عوقبوا بخسف في الأرض فوقعوا في مثل البئر . وقيل : هو بئر ألقى أصحابه فيه حنظلة بن صفوان رسول الله إليهم حيّا فهو إذن علَم بالغلبة وقيل هو فلج من أرض اليمامة . وتقدم الكلام على أصحاب الرس في سورة الفرقان ( 38 ) عند قوله تعالى : { وعادا وثمودا وأصحاب الرس } .
وأصحاب الأيكة هم من قوم شعيب وتقدم في سورة الشعراء . وقوم تبع هم حِمير من عرب اليمن وتقدم ذكرهم في سورة الدخان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.