التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ وَإِخۡوَٰنُ لُوطٖ} (13)

وعُبّر عن قوم لوط ب { إخوان لوط } ولم يكونوا من قبيله ، فالمراد ب { إخوان } أنهم ملازمون وهم أهل سدوم وعمورة وقُراهما وكان لوط ساكناً في سَدوم ولم يكن من أهل نسبهم لأن أهل سدوم كنعانيون ولوطاً عبراني . وقد تقدم قوله تعالى : { إذ قال لهم أخوهم لوط } في سورة الشعراء ( 161 ) . وذُكر قوم تبع وهم أهل اليمن ولم يكن العرب يعدونهم عربا .

وهذه الأمم أصابها عذاب شديد في الدنيا عقاباً على تكذيبهم الرسل . والمقصود تسلية رسول الله ، والتعريضُ بالتهديد لقومه المكذّبين أن يحل بهم ما حلّ بأولئك .

والرس : يطلق اسماً للبئر غير المطوية ويطلق مصدراً للدفن والدسّ . واختلف المفسرون في المراد به هنا . وأصحاب الرس } قوم عرفوا بالإضافة إلى الرس ، فيحتمل أن إضافتهم إلى الرسّ من إضافة الشيء إلى موطنه مثل { أصحاب الأيْكة } ، و { أصحاب الحجر } [ الحجر : 80 ] و { أصحاب القرية } [ يس : 13 ] . ويجوز أن تكون إضافةً إلى حدث حلّ بهم مثل { أصحاب الأخدود } [ البروج : 4 ] . وفي تعيين { أصحاب الرس } أقوال ثمانية أو تسعة وبعضها متداخل .

وتقدم الكلام عليهم في سورة الفرقان . والأظهر أن إضافة { أصحاب } إلى { الرسّ } من إضافة اسم إلى حدث حدث فيه فقد قيل : إن أصحاب الرسّ عوقبوا بخسف في الأرض فوقعوا في مثل البئر . وقيل : هو بئر ألقى أصحابه فيه حنظلة بن صفوان رسول الله إليهم حيّا فهو إذن علَم بالغلبة وقيل هو فلج من أرض اليمامة . وتقدم الكلام على أصحاب الرس في سورة الفرقان ( 38 ) عند قوله تعالى : { وعادا وثمودا وأصحاب الرس } .

وأصحاب الأيكة هم من قوم شعيب وتقدم في سورة الشعراء . وقوم تبع هم حِمير من عرب اليمن وتقدم ذكرهم في سورة الدخان .