معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (45)

قوله تعالى :{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً } أي : شاهداً للرسل بالتبليغ ، ومبشراً لمن آمن بالجنة ، ونذيراً لمن كذب بآياتنا بالنار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (45)

ثم وجه - سبحانه - نداء إلى النبى صلى الله عليه وسلم حدد له فيه وظيفته ، وأمره بتبشير المؤمنين بما يسرهم ، ونهاه عن طاعة الكافرين والمنافقين فقال : { ياأيها النبي . . . وكفى بالله وَكِيلاً } .

وقوله : { وَمُبَشِّراً } من التبشير ، وهو الإِخبار بالأمر السار لمن لا علم له بهذا الأمر .

وقوله : { وَنَذِيراً } من الإِنذار ، وهو الإِخبار بالأمر المخيف لكى يجتنب ويحذر .

والمعنى : يأيها النبى الكريم { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ } إلى الناس { شَاهِداً } أى : شاهدا لمن آمن منهم بالإِيمان ، ولمن كفر منهم بالكفر ، بعد أن بلغتهم رسالة ربك تبليغا تاما كاملا .

{ وَمُبَشِّراً } أى : ومبشرا المؤمنين منهم برضا الله - تعالى - .

{ وَنَذِيراً } أى : ومنذرا للكافرين بسوء العاقبة ، بسبب إعراضهم عن الحق الذى جئتهم به من عند الخالق - عز وجل - .

وقدم - سبحانه - التبشير على الإِنذار ، تكريما للمؤمنين المبشرين ، وإشعارا بأن الأصل فى رسالته صلى الله عليه وسلم التبشير ، فقد أرسله الله - تعالى - رحمة للعالمين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (45)

36

فأما النبي الذي يبلغهم اختيار الله لهم ؛ ويحقق بسنته العملية ما اختاره الله وشرعه للعباد ، فيلتفت السياق التفاتة كذلك إلى بيان وظيفته وفضله على المؤمنين في هذا المقام :

يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا . ولا نطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم ، وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا . .

فوظيفة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فيهم أن يكون( شاهدا ) ، عليهم . فليعملوا بما يحسن هذه الشهادة التي لا تكذب ولا تزور ، ولا تبدل ، ولا تغير . وأن يكون( مبشرا )لهم بما ينتظر العاملين من رحمة وغفران ، ومن فضل وتكريم . وأن يكون( نذيرا )للغافلين بما ينتظر المسيئين من عذاب ونكال ، فلا يؤخذوا على غرة ، ولا يعذبوا إلا بعد إنذار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (45)

قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا فُلَيْح بن سليمان ، عن هلال بن علي{[23630]} عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لست بفظ{[23631]} ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويغفر{[23632]} ، ولن يقبضَه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن لا إله إلا الله ، فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا " .

وقد رواه البخاري في " البيوع " عن محمد بن سنان ، عن فُلَيْح بن سليمان ، عن هلال بن علي به . ورواه في التفسير عن عبد الله - قيل : ابن رجاء ، وقيل : ابن صالح - عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو ، به{[23633]} . ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن رجاء ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، به .

وقال البخاري في البيوع : وقال سعيد ، عن هلال ، عن عطاء ، عن عبد الله بن سلام .

وقال وهب بن منبه : إن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل - يقال له : شعياء - أن قم في قومك بني إسرائيل ، فإني منطق لسانك بوحي وأبعث أميا من الأميين ، أبعثه [ مبشرا ]{[23634]} ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه ، من سكينته ، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه ، أبعثه مبشرا ونذيرا ، لا يقول الخنا ، أفتح به أعينا كُمْهًا{[23635]} ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ، أسَدّده لكل أمر جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والحق شريعته ، والعدل سيرته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة ، وأرفع به بعد الخَمَالة ، وأعرف به بعد النُّكْرَة ، وأكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العَيْلَة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين أمم متفرقة ، وقلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأستنقذ به فِئامًا من الناس عظيمة{[23636]} من الهلكة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، موحدين مؤمنين مخلصين ، مصدقين لما جاءت به رسلي{[23637]} ، ألهمهم التسبيح والتحميد ، والثناء والتكبير والتوحيد ، في مساجدهم ومجالسهم ، ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ، يصلون لي قياما وقعودا ، ويقاتلون في سبيل الله{[23638]} صفوفا وزُحوفا ، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتي ألوفا ، يطهرون الوجوه والأطراف ، ويشدون الثياب في الأنصاف ، قربانهم دماؤهم ، وأناجيلهم في صدورهم ، رهبان بالليل ليُوث بالنهار ، وأجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين ، أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون ، أعز مَنْ نصرهم ، وأؤيد مَنْ دعا لهم ، وأجعل دائرة السوء على مَنْ خالفهم أو بغى عليهم ، أو أراد أن ينتزع شيئا مما في أيديهم . أجعلهم ورثة لنبيهم ، والداعية إلى ربهم ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، ويوفون بعهدهم ، أختم بهم الخير الذي بدأته بأولهم ، ذلك فضلي أوتيه من أشاء ، وأنا ذو الفضل العظيم .

هكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن وهب بن منبه اليماني ، رحمه الله .

ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العَرْزَمي{[23639]} ، عن شَيْبَان النحوي ، أخبرني قتادة ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس{[23640]} قال : لما نزلت : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } - وقد كان أمر عليا ومعاذا أن يسيرا إلى اليمن - فقال : " انطلقا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، إنه قد أنزل علي : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } .

ورواه الطبراني عن محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي ، عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، عن عبد الرحمن [ بن محمد ]{[23641]} بن عبيد الله العرزمي ، بإسناده مثله {[23642]} . وقال في آخره : " فإنه قد أنزل{[23643]} علي : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا على أمتك ومبشرا بالجنة ، ونذيرا من النار ، وداعيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه ، وسراجا منيرا بالقرآن " .

وقوله : { شَاهِدًا } أي : لله بالوحدانية ، وأنه لا إله غيره ، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة ، { وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } ، [ كقوله : { لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } ] {[23644]} [ البقرة : 143 ] .

وقوله : { وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } أي : بشيرا للمؤمنين بجزيل الثواب ، ونذيرا للكافرين من وبيل العقاب .


[23630]:- في ت: "روى الإمام أحمد بإسناده".
[23631]:- في ت: "لا بفظ" وفي أ: "لا فظ".
[23632]:- في ف: "يعفو ويصفح ويغفر".
[23633]:- المسند (2/174) وصحيح البخاري برقم (2125) ورقم (4838).
[23634]:- زيادة من ت ، ف.
[23635]:- في ت: "أعينا عميا كمها".
[23636]:- في ت: "عظيم".
[23637]:- في ت: "الرسل".
[23638]:- في أ: "في سبيلي".
[23639]:- في أ: "عبد الله القرشي".
[23640]:- في ت: "ثم روى ابن أبي حاتم بإسناده إلى ابن عباس".
[23641]:- زيادة من ت ، ف ، والمعجم.
[23642]:- المعجم الكبير (11/312) وقال الهيثمي في المجمع (7/92): "وفيه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف".
[23643]:- في ت ، أ: "أنزلت".
[23644]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا} (45)

هذه الآية فيها تأنيس للنبي عليه السلام وللمؤمنين وتكريم لجميعهم ، و { شاهداً } ، معناه على أمتك بالتبليغ إليهم وعلى سائر الأمم في تبليغ أنبيائهم ونحو ذلك و { مبشراً } معناه للمؤمنين ، برحمة الله تعالى وبالجنة ، { ونذيراً } معناه للعصاة والمكذبين من النار وعذاب الخلد ، قال ابن عباس : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ومعاذاً فبعثهما إلى اليمن وقال «اذهبا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا فإني قد أنزل علي » وقرأ الآية{[9534]} .


[9534]:أخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكرن عن ابن عباس رضي الله عنهما.(الدر المنثور).