معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

قوله تعالى : { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا } بالقتل والسبي والجزية والذلة .

قوله تعالى : { والآخرة } أي وفي الآخرة بالنار .

قوله تعالى : { وما لهم من ناصرين } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

ثم فصل سبحانه - هذا الحكم الذى سيحكم به على عباده يوم القيامة فقال : { فَأَمَّا الذين كَفَرُواْ } بى وبما يجب الإيمان به { فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدنيا والآخرة }

أى فأعذبهم عذابا شديداً فى الدنيا بإيقاع العداوة والبغضاء والحروب بينهم ، وبما يشبه ذلك من هزائم وأمراض وشقاء نفس لا يعلم مقدار ألمه إلى الله - تعالى - وأما فى الآخرة فيساقون إلى عذاب النار وبئس القرار .

وقد أكد - سبحانه - شدة هذا العذاب بعدة تاكيدات منها نسبة العذاب إليه - سبحانه - وهو القوى القهار الغالب على كل شيء ، ومنها التأكيد بالمصدر ، ومنها الوصف بالشدة ، ومنها الإخبار بأنه لا ناصر لهم ينصرهم من هذا العذاب الشديد فى قوله - تعالى - { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } أى ليس لهم من ناصر أياً كان هذا الناصر ، وأيا كانت نصرته ولو كانت نصرة ضئيلة لا وزن لها ولا قيمة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

33

( فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) .

وفي هذا النص تقرير لجدية الجزاء ، وللقسط الذي لا يميل شعرة ، ولا تتعلق به الأماني ولا الافتراء . .

رجعة إلى الله لا محيد عنها . وحكم من الله فيما اختلفوا فيه لا مرد له . وعذاب شديد في الدنيا والآخرة للكافرين لا ناصر لهم منه .

وكل ما يقوله أهل الكتاب إذن من أنهم لن يدخلوا النار إلا أياما معدودات . وكل ما رتبوه على هذا التميع في تصور عدل الله في جزائه من أماني خادعة . . باطل باطل لا يقوم على أساس .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

{ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } وكذلك فعل تعالى{[5091]} بمن كفر بالمسيح من اليهود ، أو غلا فيه وأطراه من النصارى ؛ عَذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخْذ الأموال وإزالة الأيدي عن الممالك ، وفي الدار الآخرة عَذابُهم أشد وأشق { وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } [ الرعد : 34 ] .


[5091]:في ر: "تعالى فعل".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

{ فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (56)

قوله : { فأما الذين كفروا فأعذبهم } إلى قوله { فنوفيهم أجورهم } تفصيل لما أجمل في قوله { فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } . وقوله { فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والأخرة } المقصود من هذا الوعيدِ هو عذاب الآخرة لأنه وقع في حَيز تفصيل الضمائر من قوله : { فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } وإنما يكون ذلك في الآخرة ، فذُكِر عذاب الدنيا هنا إدماج . فإن كان هذا مما خاطب الله به عيسى فهو مستعمل في صريح معناه ، وإن كان كلاماً من الله في القرآن خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمونَ ، صح أن يكون مراداً منه أيضاً التعريض بالمشركين في ظلمهم محمداً صلى الله عليه وسلم عن مكابرة منهم وحسد . وتقدم تفسير إسناد المحبة إلى الله عند قوله : قل إن كنتم تحبون الله في هذه السورة .

وجملة { وما لهم من ناصرين } تذييل لجملة { أعذّبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة } أي ولا يجدون ناصرين ينصرونهم علينا في تعذيبهم الذي قدّره الله تعالى .

واعلم أنّ قوله فأعذّبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة قضية جزئية لا تقتضي استمرار العذابين :

فأما عذاب الدنيا فهو يجري على نظام أحوال الدنيا : من شدة وضعف وعدم استمرار ، فمعنى انتفاء الناصرين لهم منه انتفاءُ الناصرين في المدة التي قدّرها الله لتعذيبهم في الدنيا ، وهذا متفاوت ، وقد وَجَد اليهود ناصرين في بعض الأزمان مثل قصة استير في الماضي وقضية فلسطين في هذا العصر .

وأما عذاب الآخرة : فهو مطلق هنا ، ومقيد في آيات كثيرة بالتأييد ، كما قال : { وما هم بخارجين من النار } [ البقرة : 167 ] .

وجملة { والله لا يحب الظالمين } تذييل للتفصيل كله فهي تذييل ثانٍ لجملة { فأعذبهم عذاباً شديداً } بصريح معناها ، أي أعذّبهم لأنهم ظالمون والله لا يحبّ الظالمين وتذييلٌ لجملة { وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إلى آخرها ، بكناية معناها .