معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

قوله تعالى : { ولقد أهلكنا ما حولكم } يا أهل مكة ، { من القرى } كحجر ثمود وأرض سدوم ونحوهما ، { وصرفنا الآيات } الحجج والبينات ، { لعلهم يرجعون } عن كفرهم فلم يرجعوا ، فأهلكناهم ، يخوف مشركي مكة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

ثم أضاف - سبحانه - إلى هذا التذكير والتخويف للمشركين ، تذكيرا وتخويفا آخر ، فقال : { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى } أى : والله لقد أهلكنا ما حولكم يا أهل مكة من القرى الظالمة ، كقوم هود وصالح وغيرهم .

{ وَصَرَّفْنَا الآيات } أى : كررناها ونوعناها بأساليب مختلفة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما كانوا عليه من الشرك والفجور ، ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا فيه من ضلال وبغى ، فدمرناهم تدميرا . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

21

ويختم هذا الشوط بالعبرة الكلية لمصارع من حولهم من القرى من عاد وغير عاد :

( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ، وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون . فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة ! بل ضلوا عنهم . وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ) . .

وقد أهلك الله القرى التي كذبت رسلها في الجزيرة . كعاد بالأحقاف في جنوب الجزيرة . وثمود بالحجر في شمالها . وسبأ وكانوا باليمن . ومدين وكانت في طريقهم إلى الشام . وكذلك قرى قوم لوط وكانوا يمرون بها في رحلة الصيف إلى الشمال .

ولقد نوع الله في آياته لعل المكذبين يرجعون إلى ربهم ويثوبون . ولكنهم مضوا في ضلالتهم ، فأخذهم العذاب الأليم ، ألوانا وأنواعا ، تتحدث بها الأجيال من بعدهم ، ويعرفها الخلف من ورائهم . وكان مشركو مكة يتسامعون بها ، ويرون آثارها غادين رائحين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

وقوله : { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى } يعني : أهل مكة ، قد أهلك الله الأمم المكذبة بالرسل مما حولها كعاد ، وكانوا بالأحقاف بحضرموت عند اليمن وثمود ، وكانت منازلهم بينهم وبين الشام ، وكذلك سبأ وهم أهل اليمن ، ومدين وكانت في طريقهم وممرهم إلى غزة ، وكذلك بحيرة قوم لوط ، كانوا يمرون بها أيضا .

وقوله : { وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ } أي : بيناها ووضحناها ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَة }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

{ ولقد أهلكنا ما حولكم } يا أهل مكة . { من القرى } كحجر ثمود وقرى قوم لوط . { وصرفنا الآيات } بتكريرها . { لعلهم يرجعون } عن كفرهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (27)

أتبع ضرب المثل بحال عاد مع رسولهم بأن ذلك المثل ليس وحيداً في بابه فقد أهلك الله أقواماً آخرين من مجاوريهم تُماثل أحوالهم أحوال المشركين ، وذكَّرهم بأن قراهم قريبة منهم يعرفها من يعرفونها ويسمع عنها الذين لم يروها ، وهي قرى ثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة وسبَأ وقوم تبع ، والجملة معطوفة على جملة { واذكر أخا عاد } [ الأحقاف : 21 ] الخ . وكنِّي عن إهلاك الأقوام بإهلاك قراهم مبالغة في استئصالهم لأنه إذا أهلكت القرية لم يبق أحد من أهلها كما كنّى عنترة بشك الثياب عن شك الجسد في قوله :

فشككت بالرمح الأصم ثيابه

ومنه قوله تعالى : { وثيابك فطهّر } [ المدثر : 4 ] .

وتصريف الآيات تنويعها باعتبار ما تدّل عليه من الغرض المقصود منها وهو الإقلاع عن الشرك وتكذيب الرسل ، وأصل معنى التصريف التغيير والتبديل لأنه مشتق من الصرف وهو الإبعاد . وكنّي به هنا عن التبيين والتوضيح لأن تعدد أنواع الأدلة يزيد المقصود وضوحاً . ومعنى تنويع الآيات أنها تارة تكون بالحجة والمجادلة النظرية ، وتارة بالتهديد على الفعل ، وأخرى بالوعيد ، ومرة بالتذكير بالنعم وشكرها . وجملة { لعلهم يرجعون } مستأنفة لإنشاء الترجّي وموقعها موقع المفعول لأجله ، أي رجاء رجوعهم .

والرجوع هنا مجاز عن الإقلاع عمّا هم فيه من الشرك والعناد ، والرجاء من الله تعالى يستعمل مجازاً في الطلب ، أي توسعة لهم وإمهالاً ليتدبروا ويتّعظوا . وهذا تعريض بمشركي أهل مكة فهم سواء في تكوين ضروب تصريف الآيات زيادة على ما صرف لهم من آيات إعجاز القرآن والكلام على ( لعل ) في كلام الله تقدم في أوائل البقرة .