معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

قوله تعالى : { فقد كذبوا فسيأتيهم } أي : فسوف يأتيهم ، { أنباء } أخبار وعواقب . { ما كانوا به يستهزئون* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

ثم بين - سبحانه - سوء عاقبتهم فقال : { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

أى : فقد كذبوا هؤلاء الجاحدون بالذكر الذى أتيتهم به - أيها الرسول الكريم - دون أن يكتفوا بالإعراض عنه ، فاصبر فسيأتهم أنباء العذاب الذى كانوا يستهزئون به عندما تحدثهم عنه ، وهو واقع بهم لا محالة ولكن فى الوقت الذى يشاؤه - سبحانه - .

وفى التعبير عن وقوع العذاب بهم ، بإتيان أنبائه وأخباره ، تهويل من شأن هذا العذاب ، وتحقيق لنزوله ، أى : فسيأتيهم لا محالة مصداق ما كانوا به يستهزئون ويصيرون هم أحاديث الناس يتحدثون بها ويتناقلون أنباءها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

ويعقب على هذا الإعراض عن ذكر الله ورحمته بالتهديد بعقابه وعذابه :

فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون . .

وهو تهديد مضمر مجمل مهول . وفي التعبير سخرية تناسب استهزاءهم بالوعيد . ( فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) . . ستأتيهم أخبار العذاب الذي يستهزئون به ! وهم لن يتلقوا أخبارا . إنما سيذوقون العذاب ذاته ، ويصبحون هم أخبارا فيه ، يتناقل الناس ما حل بهم منه . ولكنهم يستهزئون فيستهزأ بهم مع التهديد المرهوب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

أي : فقد كذبوا بما جاءهم من الحق ، فسيعلمون نبأ هذا التكذيب بعد حين ، { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } [ الشعراء : 227 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَقَدْ كَذّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فقد كذّب يا محمد هؤلاء المشركون بالذكر الذي أتاهم من عند الله ، وأعرضوا عنه فَسَيَأْتِيهِمْ أنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ يقول : فسيأتيهم أخبار الأمر الذي كانوا يسخرون ، وذلك وعيد من الله لهم أنه محلّ بهم عقابه على تماديهم في كفرهم ، وتمرّدهم على ربهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

{ فقد كذبوا } أي بالذكر بعد إعراضهم وأمعنوا في تكذيبه بحيث أدى بهم إلى الاستهزاء به المخبر به عنهم ضمنا في قوله : { فسيأتيهم } أي إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة . { أنباء ما كانوا به يستهزئون } من أنه كان حقا أم باطلا ، وكان حقيقا بأن يصدق ويعظم قدره أو يكذب فيستخف أمره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

فاء { فقد كذبوا } فصيحة ، أي فقد تبين أن إعراضهم إعراض تكذيب بعد الإخبار عنهم بأن سنتهم الإعراض عن الذكر الآتي بعضه عقب بعض فإن الإعراض كان لأنهم قد كذبوا بالقرآن . وأما الفاء في قوله : { فسيأتيهم } فَلِتَعْقِيب الإخبار بالوعيد بعد الإخبار بالتكذيب .

والأنباء : جمع نبأ ، وهو الخبر عن الحدث العظيم ، وتقدم عند قوله تعالى { ولقد جاءك من نبأ المرسلين } في سورة الأنعام ( 34 ) .

والأنباء : ظهور صدقها ، وليس المراد من الإتيان هنا البلوغ كالذي في قوله : { وهل أتاك نَبَؤا الخصم } [ ص : 21 ] لأن بلوغ الأنباء قد وقع فلا يحكى بعلامة الاستقبال في قوله : { فسيأتيهم } .

و { ما } في قوله : { ما كانوا به يستهزءون } يجوز أن تكون موصولة فيجوز أن يكون ماصْدَقُها القرآن وذلك كقوله تعالى : { ولا تتخذوا آيات الله هُزؤاً } [ البقرة : 231 ] . وجيء في صلته بفعل { يستهزءون } دون ( يكذِّبون ) لتحصل فائدة الإخبار عنهم بأنهم كذَّبوا به واستهزأوا به ، وتكون الباء في { به } لتعدية فعل { يستهزءون } ، والضمير المجرور عائداً إلى { ما } الموصولة ، وأنباؤه أخباره بالوعيد . ويجوز أن يكون ما صدق { ما } جنسَ ما عُرفوا باستهزائهم به وهو التوعُّد ، كانوا يقولون : مَتى هذا الوعد ؟ ونحو ذلك .

وإضافة { أنبؤا } إلى { ما كانوا به يستهزءون } على هذا إضافة بيانية ، أي ما كانوا به يستهزئون الذي هو أنباء ما سيحلّ بهم .

وجمع الأنباء على هذا باعتبار أنهم استهزأوا بأشياء كثيرة منها البعث ، ومنها العذاب في الدنيا ، ومنها نصر المسلمين عليهم { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [ يونس : 48 ] ، ومنها فتح مكة ، ومنها عذاب جهنم ، وشجرةُ الزقوم . وكان أبو جهل يقول : زقّمونا ، استهزاء .

ويجوز كون { ما } مصدرية ، أي أنباء كون استهزائهم ، أي حصوله ، وضمير { به } عائداً إلى معلوم من المقام ، وهو القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم .

والمراد بأنباء استهزائهم أنباءُ جزَائه وعاقبته وهو ما توعدهم به القرآن في غير ما آية .

والقول في إقحام فعل { كانوا } هنا كالقول في إقحامه في قوله آنفاً { كانوا عنه معرضين } [ الشعراء : 5 ] ولكن أوثر الإتيان بالفعل المضارع وهو { يستهزءون } دون اسم الفاعل كالذي في قوله : { كانوا عنه معرضين } لأن الاستهزاء يتجدد عند تجدد وعيدهم بالعذاب ، وأما الإعراض فمتمكّن منهم .

ومعنى { فسيأتيهم أنبؤا ما كانوا به يستهزءون } على الوجه الأول أن يكون الإتيان بمعنى التحقق كما في قوله : { أتى أمر الله } [ النحل : 1 ] ، أي تحقّق ، أي سوف تتحقّق أخبار الوعيد الذي توعدهم به القرآن الذي كانوا يستهزئون به .

وعلى الوجه الثاني سوف تبلغهم أخبار استهزائهم بالقرآن ، أي أخبار العقاب على ذلك . وأوثر إفراد فعل « يأتيهم » مع أن فاعله جمع تكسير لغير مذكر حقيقي يجوز تأنيثه لأن الإفراد أخف في الكلام لكثرة دورانه .