فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ فَسَيَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (6)

{ فَقَدْ كَذَّبُوا } بالذكر الذي يأتيهم تكذيبا صريحا ، ولم يكتفوا بمجرد الإعراض . وقيل : إن الإعراض بمعنى التكذيب لأن من أعرض عن شيء ولم يقبله فقد كذبه ، وعلى هذا فيكون ذكر التكذيب للدلالة على صدور ذلك منهم على وجه التصريح ، والأول أولى . فالإعراض عن الشيء عدم الالتفات إليه .

ثم انتقلوا عن هذا إلى ما هو أشد منه وهو التصريح بالتكذيب ، ثم انتقلوا عن التكذيب إلى ما هو أشد منه وهو الاستهزاء كما يدل عليه قوله : { فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء } وهي ما يستحقونه من العقوبة آجلا وعاجلا ، وسميت أنباء لكونها مما أنبأ عنه القرآن وقال :

{ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون } ولم يقل : ما كانوا عنه معرضين ، أو : ما كانوا به يكذبون ، لأن الاستهزاء أشد منهما ، ومستلزم لهما ، وفي هذا وعيد شديد ، وقد مرّ تفسير مثل هذا في سورة الأنعام .