{ وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } : أى : وبعد أن تداركته رحمتنا ، وأخرجناه من بطن الحوت ، ورعيناه برعايتنا ، أرسلناه إلى مائة ألف من الناس أو يزيدون على ذلك فى نظر الناظر إليهم ، فآمنوا جميعا .
قال الإِمام ابن كثير : ولا مانع من أن يكون الذين أرسل إليهم أولا ، أمر بالعودة إليهم بعد خروجه من بطن الحوت ، فصدقوه كلهم ، وآمنوا به ، وحكى البغوى أنه أرسل إلى أة أخرى بعد خروجه من بطن الحوت ، فصدقوه كلهم ، وآمنوا به ، وحكى البغى أنه أرسل إلى أمة أخرى بعد خروجه من الحوت ، كانوا مائة ألف ما أو يزيدون .
هذا ومن العبر التى نأخذها من هذه القصة ، أن رحمة الله - تعالى - قريب من المحسنين ، وأن العبد إذا تاب توبة صادقة نصوحا ، وفى الوقت الذى تقبل فيه التوبة ، قبل الله - تعالى - توبته ، وفرج عنه كربه ، وأن التسبيح يكون سببا فى رفع البلاء .
وبعد هذه الجولة مع قصص بعض الأنبياء ، أمر الله - تعالى - قريب من المحسنين ، وأن العبد إذا تاب توبة صادقة نصوحا ، وفى الوقت الذى تقبل فيه التوبة ، قبل الله - تعالى - توبته ، وفرج عنه كربه ، وأن التسبيح يكون سببا فى رفع البلاء .
وكانوا قد خافوا ما أنذرهم به من العذاب بعد خروجه ، فآمنوا ، واستغفروا ، وطلبوا العفو من الله فسمع لهم ولم ينزل بهم عذاب المكذبين : ( فآمنوا فمتعناهم إلى حين )وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون . وقد آمنوا أجمعين .
وهذه اللمحة بسياقها هنا تبين عاقبة الذين آمنوا ، بجانب ما تبينه القصص السابقة من عاقبة الذين لا يؤمنون . فيختار قوم محمد [ صلى الله عليه وسلم ] إحدى العاقبتين كما يشاءون ! !
وكذلك ينتهي هذا الشوط من السورة بعد تلك الجولة الواسعة على مدار التاريخ من لدن نوح ، مع المنذرين : المؤمنين منهم وغير المؤمنين . .
قوله : { فَآمَنُوا } : يقول : فوحدوا الله الذي أرسل إليهم يونس ، وصدّقوا بحقيقة ما جاءهم به يونس من عند الله .
وقوله : { فَمَتّعْناهُمْ } : إلى حِينٍ يقول : فأخرنا عنهم العذاب ، ومتعناهم إلى حين بحياتهم إلى بلوغ آجالهم من الموت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَمَتّعْناهُمْ إلى حِينٍ : الموت .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فَمَتّعْناهُمْ إلى حِينٍ قال : الموت .
روي في قوله تعالى : { فآمنوا فمتعناهم } فمتعهم { إلى حين } أنهم خرجوا بالأطفال أولاد البهائم وفرقوا بينها وبين الأمهات وناحوا وضجوا وأخلصوا فرفع الله عنهم ، والتمتيع هنا هو بالحياة و «الحين » آجالهم السابقة في الأزل ، قاله قتادة والسدي ، وقرأ ابن أبي عبلة «حتى حين » ، وفي قوله تعالى : { فآمنوا فمتعناهم إلى حين } مثال لقريش أي أن آمنوا كما جرى لهؤلاء . ومن هنا حسن انتقال القول والمحاورة إليهم بقوله ، { فاستفتهم } : فإنما يعود ضميرهم على ما في المعنى من ذكرهم .
والفاء في { فَآمَنُوا } للتعقيب العرفي لأن يونس لما أرسل إليهم ودعاهم امتنعوا في أول الأمر فأخبرهم بوعيد بهلاكهم بعد أربعين يوماً ثم خافوا فآمنوا كما أشار إليه قوله تعالى : { فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } [ يونس : 98 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.