البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَـَٔامَنُواْ فَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ} (148)

ويدل عليه : { فآمنوا فمتعناهم } ، وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب يونس عليه السلام حتى أبق .

وقال ابن عباس ، وقتادة : هي رسالة أخرى بعد أن نبذه بالعراء ، وهي إلى أهل نينوى من ناحية الموصل .

وقال الزمخشري : المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه ، وهم أهل نينوى .

وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جري إليه إلى الأولين ، أو إلى غيرهم .

وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى ، لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيماً فيهم ، فقال لهم : إن الله باعث إليكم نبياً .

وقرأ الجمهور : { أو } ، قال ابن عباس بمعنى بل .

وقيل : بمعنى الواو وبالواو ، وقرأ جعفر بن محمد .

وقيل : للإبهام على المخاطب .

وقال المبرد وكثير من البصريين : المعنى على نظر البشر ، وحزرهم أن من وراءهم قال : هم مائة ألف أو يزيدون ، وهذا القول لم يذكر الزمخشري غيره .

قال : أو يزيدون في مرأى الناظر ، إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر .

والغرض الوصف بالكثرة ، والزيادة ثلاثون ألفاً ، قاله ابن عباس ؛ أو سبعون ألفاً ، قاله ابن جبير ؛ أو عشرون ألفاً ، رواه أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا صح بطل ما سواه .

{ فآمنوا } : روي أنهم خرجوا بالأطفال والأولاد والبهائم ، وفرقوا بينها وبين الأمهات ، وناحوا وضجوا وأخلصوا ، فرفع الله عنهم .

والتمتع هنا هو بالحياة ، والحين آجالهم السابقة في الأزل ، قاله قتادة والسدي .